طوبى لنفس استراحت
من وحشة الذنوب والمعاصي تابت
أقبلت لربها موحدة فما ارتابت
إحرامٌ وطوافٌ وسعي فما خابت
وبين المشاعر صلاةٌ وذكر بالنقى دابت
هكذا هم حجاج بيت الله الحرام بعد أن قضوا تفثهم وأتموا مناسكهم وطافوا بالبيت العتيق، في أجواء إيمانية برعاية ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده محمد بن سلمان -حفظهما الله-، فلم تدخر المملكة العربية السعودية جهدًا إلاَّ بذلته في تذليل الصعاب أمام حجاج بيت الله الحرام، ولم تتوان المملكة يومًا من الأيام عن تسخير كل إمكاناتها وطاقاتها البشرية والمادية، من أجل تسيير أعمال الحج وخدمة ضيوف الرحمن الذين يقدمون إليها من كل حدب وصوب، وأن الاهتمام الذي توليه الدولة بالمشاعر المقدسة لم يكن وليدًا بل كان أساسًا من أساسات البناء التي وضعها المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه - وصار عليه أبناؤه البررة من بعده، فمشاريع التطوير والتوسعات التي لم تتوقف طيلة العقود الماضية رغبة في تيسير أعمال الحج وسلاسة أداء المناسك وحماية الحجاج وسلامتهم لخير شاهد ودليل.
لم تقتصر عناية المملكة العربية السعودية في هذا المضمار على رعاية الحجاج داخل الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة فحسب، بل تبدأ هذه الجهود الجبارة بداية من سفارات وقنصليات المملكة في الخارج والتي تستقبل طلبات الحج الضخمة وتوفر لمقدمي الطلبات جميع الإجراءات بيسر وسهولة.
واستمرارًا من قيام هذه البلاد المباركة بواجبها القيادي والديني يأتي برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين الذي تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وهذا حرص خاص من خادم الحرمين الشريفين لتوثيق رباط الشعور بالجسد الواحد بين المسلمين وتعميق الأخوة الإسلامية بينهم.
ولعلنا شاهدنا وقرأنا إجمالي عدد الحجاج في موسم حج هذا العام 1439هـ (2.371.675) حاجاً، فقد وجهت دولتنا وحكومتنا الرشيدة اهتمامًا بالغًا بأمن الحجيج وتوفير سبل الراحة لهم، وجندت كل قطاعاتها العسكرية والمدنية وعلى رأسها وزارة الداخلية التي لها الدور الأكبر والأبرز في الحفاظ على أمن الحج وتنظيم حركة الحجاج بين المشاعر المقدسة، وبفضل الله ثم بتلك الجهود الجبارة أصبح الحج آمنًا خاليًا مما يعكر صفوه، وبرز أبطال الحج من رجال الأمن في رسم أكبر لوحة في العمل الإنساني إلى جانب أعمالهم الرسمية في الأمن وتفويج الحركة وضبط إيقاع تنقلات الحجيج دون تدافع أو تعارض، وكثيرًا ما يحول هؤلاء الأبطال إلى أجواء روحانية تعتق منها نسائم العمل الإنساني وغمائم التعامل الراقي مع ضيوف الرحمن التي بلا شك تزيد من جرعات تطبيع القيم الإسلامية السامية لكثير من هؤلاء الحجيج.
ومع ختام حج هذا العام نبارك لمقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ووزير الداخلية ومستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، ولجميع جنودنا الأبطال ولذلك الشعب الأبي، وأقول كلمة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل (ارفع رأسك أنت سعودي).