سمر المقرن
أستغرب جداً ممن يتململ من نهاية الإجازة الصيفية وعودة المدارس، بعد أن قضى أبناؤنا إجازة طويلة وصلت مدتها أربعة أشهر، وهي مقارنة بالإجازات الصيفية للدول من حولنا أو حتى البعيدة تعتبر الأطول، بما يضمن قضاء مدة كافية من الراحة والاسترخاء واللهو واللعب والسهر والنوم وكل محفزات الراحة، وهذا يجعل العودة لعام دراسي جديد تكون بشوق وحيوية وحماس.
ما يثير استغرابي أن كل هذه المدة الطويلة للإجازة ونجد هناك من يبدي ضيقه وضجره من عودة الدراسة، أتحدث هنا عن الراشدين وليس عن الصغار أو المراهقين، بل إن هناك ما أسمعه من بعض العاملين في حقل التعليم، وكأنهم يريدون إجازة طوال العام، أو التعبير عن شعورهم بالعودة للتعب والقرف -على حد تعبيرهم- مع أن الانسان المنتج لا يمكن مطلقاً أن تراوده مثل هذه المشاعر السلبية تجاه عمله، بل إنه لا يستطيع أن يعيش دون هذا العمل بعيداً عن فكرة الحاجة للراتب الشهري، إنما أقصد هنا الحاجة للعمل كعمل يستمتع فيه الإنسان ويشعر بالرضا عن نفسه وعن عطائه.
وهناك فئة تبرر شعورها بالضجر من العودة إلى العمل بسبب آخرين، وأنهم مصدر لتعاسة هذا الشخص في عمله، وأنا في تصوري أنها مشاعر غير حقيقية، ولا أنكر أن هناك أشخاصاً قد تكون متعتهم في التقليل من عطاء الآخرين أو في حياكة المؤامرات ضدهم داخل العمل، لكن الإنسان القوي من الداخل الواثق من نفسه ومن قدراته بإمكانه أن يعمل (بلوك) لهذه الفئة السلبية من الناس وألا يساعدهم في النجاح بالوصول إلى حالة من تدمير القدرات بسبب الحالة النفسية المتردية.
العمل جميل جداً، والعطاء والنجاح ثمرات ممتعة لا تجعل من الأشخاص السلبيين أو المتفرغين لتحطيم الآخرين أن ينالوا من قدراتك مهما حصل. وتجاهل السلبيين وصُنّاع المؤامرات لا يكون فقط بالابتعاد أو عدم السماح لهم بالحصول على مبتغاهم، بل حتى مشاركة الآخرين من زملاء العمل في الحديث عن هؤلاء وعن أفعالهم السلبية في محيط العمل ونقاش هذه السلوكيات نقاشاً خلف أسوار العمل، يعني أنهم تمكنوا منك ونالوا مبتغاهم وأنك مشغول بهم، وهذا بحد ذاته تحقيق لأجندتهم ونجاح لأهدافهم!
بشكل عام، الشعور بالملل من عودة المدارس أو الحديث بسلبية من قِبل الكبار أمام الصغار، سوف يجعل الطفل ينمو ويكبر على هذه المشاعر السلبية تجاه المدرسة، ومستقبلاً تجاه عمله!