د.عبدالعزيز الجار الله
إذا أردنا أن نكتب عن ذاكرة الأمس لا نستطيع أن نتحدث دون ذكر حجاب بن نحيت الذي شكل علامة مميزة في المورث الشعري والغنائي، حفظ الشيلات والجمل اللحنية وأهازيج الناس والأرض، حجاب بن عبدالله بن نحيت الذي رحل عنا قبل أيام تغمده الله برحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته حفظ لنا التراث الشعري ورتم وإيقاعات وسط المملكة حيث تلتقي مع المواطن الأصلية للهجات بادية الجزيرة العربية.
حجاب أخذ الشعر من منابعه الأصلية من الناس والأرض ومزجها مع حنين وأهازيج البيئات التي شكلت إبداعاته، فموطنه الأصلي والذي تربى به أرض القصيم في مركز الفوارة الواقعة في المنطقة الفاصلة ما بين تكوين الدرع العربي قليل المياه، وبين القطاع الرسوبي الغني بالمياه، فعاش بين بيئات زراعية، وبادية رعوية، ومدن، أيضاً استطاع الشاعر والفنان حجاب أن يقارب في أدائه وعطائه الإبداعي بين البيئات الثلاث ويمزجها بلون واحد عرف باسم حجاب:
بيئة البادية: تعود جذوره لبادية قبيلة حرب غرب القصيم، حيث تقع ضمنها الفوارة مدينته، والتي تحيط بها الهجر وقرى البادية التي تسكنها القبائل المستقرة والعديدة من معسكرات البادية القديمة التي أنشأت أثناء تأسيس دولتنا.
القرى الزراعية: تقع الفوارة ضمن تجمع مدن وسط القصيم ويحيط بها ريف زراعي واسع في شمالها وشرقيها منها منطقة الفويلق وأطراف نفود الغماس الواقع شرقها، وهذا ريف زراعي تتعدد فيه القرى الزراعية له نمط الريف الزراعي.
المدن الحديثة: عاش حجاب متنقلاً في محيطه الحضاري من مدن مركزية هي: بريدة والرس ورياض الخبراء والنبهانية والبكيرية.
ونتيجة لتعدد البيئات الثلاث (البادية، والقرى الزراعية، والمدن) قدم لنا الشاعر والمبدع حجاب خلطة في اللهجة والثقافة المحلية ومفردات البيئة والسلوك الاجتماعي والأصوات الغنائية، مزج هذه التكوينات في جسم غنائي وشعري واحد، أي عمل مقاربة إبداعية بين المكونات الثلاث وقدمه بصوته المشبع بالمحلية استطاع أن يبقى صامداً من الستينات الميلادية وحتى الآن، ويجاري الأصوات القوية والألوان الغنائية المميزة وسط المنافسة الشديدة، لفنان يحمل هم وهوية وسط المملكة يعبر عنها وينثر إبداعاته على مساحة واسعة، كما رحبت به مدن الخليج وبعض الأقطار العربية التي جذورها من وسط المملكة وتنتمي لهذا الإرث الذي شعر حجاب أنه حارس له ومؤتمن عليه.