د.علي القرني
الأسبوع المقبل -بإذن الله- هو بداية انطلاقة ملايين من طلابنا وطالباتنا نحو مدارسهم ونحو جامعاتهم في بداية مرحلة نوعية في حياة هؤلاء الشباب من أبناء وبنات الوطن. وماذا يتوقع هؤلاء الشباب من تلك المؤسسات التعليمية التي تحتضنهم في عام دراسي/جامعي جديد؟.
ثم ما هو الدور الكبير الذي تعمل عليه تلك المؤسسات، في استقبال هؤلاء الطلاب والطالبات في عامهم الجديد؟.. هل هناك تغير في مسار الاستقبال، أم أن الأمور اعتيادية لا تغير فيها؟.. ولا شك أن المفترض أن تكون لدينا قوة دفع تؤسس لعام استثنائي وخاصة هذا العام، فهو ليس كمثل سابقته من أعوام لأن الكثير من الأمور تحدث في البيئة السعودية خلال الفترة الحالية. وما نتمناه أن تكون تلك المؤسسات التعليمية في نفس تطلعات وطموح هؤلاء الشباب السعوديى.
هناك جانبان في عملية التغيير أو الاستعداد لاستقبال العام الدراسي/الجامعي الجديد، أحدهما في المضمون والآخر شكلي. فشكلية الاستعداد تكمن في البيئة التعليمية بمظهرها وشكلها ونمطها العام، أما مضمون الاستعداد فهو في جوهر العملية التعليمية من مناهج، وخطط، وبرامج علمية وتعليمية واجتماعية. ومن المعروف أن الجامعات والمدراس تعمل طيلة العام السابق، وتحديداً خلال فترة الصيف على تجهيز بيئتها ومناهجها استعداداً لليوم الأول من أيام العام الجديد.
وربما نسأل ما هو الحدث الأبرز في العام الماضي الذي ربما يلقي بظلاله على عامنا الدراسي/الجامعي الجديد؟.. وإذا تأملنا سنجد أن هناك أحداثاً عديدة مرت معنا وفينا نحو آفاق نوعية من الحياة السعودية.. ولا يوجد حدث واحد فقط، فهناك أحداث متتالية ومتتابعة، كلها عملت كسنفونية تغير في حياتنا، ولها انعكاساتها القوية على مجريات الحياة هذا العام وللأعوام المقبلة.
والسؤال المهم هو: ماذا يدور داخل عقول الشباب السعودي؟.. وماذا يتوقع منا كمؤسسات وكمجتمع أن نعمل به في إطار اهتمامنا بهذه الشريحة الغالية لدينا؟.. هل هناك سقف توقعات يمليه هؤلاء الشباب علينا كواقع جديد؟ نعم، إذا أخذنا على سبيل المثال رؤية المملكة 2030 سنجد أنها قد فجرت كوامن المجتمع، وأسست لمرحلة نوعية جديدة، وعملت وتعمل على إعادة هيكلة الحياة السعودية بشكل غير مسبوق. كما أن رؤية المملكة 2030 قد وضعت شريحة الشباب السعودي في قمة الوهج التنموي والتطور والازدهار والتقدم في المجتمع.
ولهذا فإن مضمون وشكل الرؤية السعودية هو مسار مستقبلي للدولة والمجتمع وليس مجرد خطة تنموية مثل سابقات الخطط التنموية للدولة. ومن هنا، فإن الرؤية التي بدأت تتحقق على الأرض الواقع، هي رؤية آمنا بها كمسار إستراتيجي حيوي من شأنه أن يرتقي بالمجتمع السعودي إلى آفاق عليا من التنمية الاقتصادية والازدهار الاجتماعي.
ولهذا فإن عامل الزمن هو أحد العوامل المهمة التي نقيس في ضوئها التغيرات الكبرى في المجتمعات، مرور عام بعد عام هو متغير زمني مهم نستطيع من خلاله أن نتعرف على قوة التأثير من الأطراف المختلفة. وعندما نستقبل عاماً جديداً فهذا يعني أن الزمن بدأ يؤثر على بيئة المجتمع من خلال الأشخاص أو عبر المؤسسات، فقياس تأثير مجتمعي يأتي عبر الإجابة على سؤالين: هل تمكن التأثير من عقل وسلوكيات الفرد؟.. وبدا يستوعب حجم قوة التأثير، ثم هل استطاعت المؤسسات المجتمعية أن تتكيف مع التغييرات الجديدة، وهل شرعت في استيعاب مضمون وشكل التغيير؟ نحن على أعتاب عام جديد، بما يحمله من رمزية زمنية جديدة، وبما يتوقعه من تغيرات كبرى في المجتمع. الزمن هو مجرد نقطة في التاريخ، ولكنه أيضاً مرحلة كبرى في التطور والنمو. وما أريد أن أشير له هنا، هو أننا يجب أن ندرك أهمية الزمن في عمر الأمم، كما نحن ندركه في حياة الأفراد.