ماجدة السويِّح
أصدرت «باربي» هذا الأسبوع نموذجاً فريداً لرائدة الرياضيات والعلوم كاثرين جونسون، لتقديم نموذج ملهم للجيل الجديد من الفتيات، في ذكرى مولدها المائة.
أثارت الدمية باربي التي قاربت على بلوغ الستين عاماً فضول واهتمام الباحثين منذ عقود في مختلف المجالات، خصوصاً بمجال الطفولة والمرأة، لدراسة تأثير تلك الدمية كقدوة في حياة الفتيات، وتأثيرها على الهوية الثقافية، وصورة الجسد.
منذ عام 1959 والفتيات حول العالم يلعبن بالدمية باربي ويحرصن على اقتناء ملابسها وإكسسواراتها، والمتعلقات الخاصة بها، لذا أولت العديد من الدراسات الاهتمام بالدمية باربي، وتأثيرها على حياة الفتيات سلباً وإيجاباً، فباربي ليست دمية للتسلية فقط، بل هي قدوة تغرس في نفوس الصغيرات أسلوب حياة غير واقعي، للفوز في نهاية المطاف بجسد ممشوق، وجمال فاتن، وفقاً للنموذج الغربي الأمريكي.
تسهم باربي في تشكيل هوية الفتيات الصغيرات، لذا ركزت بعض الدراسات على الهوية العرقية والجنسية، وكيف تتشكل عند اللعب بباربي، وقد زاد القلق بشأن باربي في أوائل عام 2000، عندما ظهرت دراسة تبين أن اللعب أو التعرض لصور الدمى الأنثوية الرقيقة تجعل الفتيات يشعرن بالسوء وقلة الثقة بأنفسهن.
وقد افترض باحثان من جامعة ولاية أوريغون أن اللعب بالدمى الأنثوية المثيرة لا يضر على احترام الذات فقط، بل يؤثر على الطريقة التي تفكر بها الفتيات في حياتهن.
في المملكة المتحدة أظهرت الأبحاث أن ما يقرب من ثلث المراهقات يرغبن في أن يكن عارضات أزياء، في حين أن 4 في المائة فقط أردن أن يكن مهندسات، فالغالبية من المراهقات ينجذبن إلى الوظائف بناء على المظهر وليس على المعرفة، لذا قد تكون باربي إحدى الطرق التي يتم بها توصيل الأفكار حول المكان الملائم للفتيات في العالم.
العديد من الأبحاث تظهر أن الأطفال يستوعبون رسائل حول صورة الجسد وهويته من اللعب، وقد وجدت دراسة بريطانية أن الفتيات اللاتي تعرضن للعب بالدمية باربي أفصحن عن تقدير أقل لجسدهن والرغبة بجسد نحيف، من الفتيات اللاتي لعبن بدمى أخرى تعكس مقاسات مختلفة للجسد.
عالجت الشركة «ماتيل» عام 2014 بعضاً من المآخذ التي أخذت عليها في تقديم نموذج الفتاة الشقراء النحيفة عبر إصدار مجموعات عرقية ملونة، مثل باربي الآسيوية أو الأفريقية، وبألوان مختلفة للعيون وتسريحات مختلفة للشعر، لكن مع الاحتفاظ بالملامح الغربية، واعتبر بعض الباحثين أن هذا التغيير أكثر إيجابية لجعل باربي نموذجاً يعكس الواقع.
مقاومة التنميط والتطور الذي وصلت إليه باربي كان بفضل جهود المهتمين والباحثين في تعرية التأثيرات التي تسببت بها الدمية، وعلى الجانب الآخر تفتقر المكتبة العربية إلى الدراسات التي تتقاطع فيها دراسات المرأة والطفولة، والدراسات الخاصة بالفتيات، وتستكشف القدوة المستوردة في حياة بناتنا، وكيفية خلق قدوة محلية تضاهي النموذج الغربي، وتعكس الثقافة العربية والإسلامية.
هناك محاولات لاستنساخ دمية تعكس النموذج العربي والإسلامي، لكنها كانت فقيرة في خلق نموذج فريد أصيل، فخرجت لنا «فلة» التي هي في حقيقتها باربي بحجاب يغطي شعرها، ويبرز ملامح جمال غربية، وجسد ممشوق غير واقعي، فالحاجة ملحة اليوم لدراسة تأثير باربي الأصلية، وكذلك المستنسخة على حياة الفتيات، واستكشاف مواطن الضعف والقوة، وخلق قدوة محلية بجهود وطنية.