د. خالد عبدالله الخميس
في الآونة الأخيرة كثُر تشكي بعض رجال الأعمال من رفع الرسوم على الوافدين، ليس من باب التعاطف والتضامن معهم، وإنما لكونهم مجبرين على دفعها عنهم وإلا غادروا مؤسسته أو شركته. وعلى النقيض من تشكي رجل الأعمال من قانون رسوم الوافدين يلعب رجل الأعمال دورًا مضادًّا لفحوى تشكيه، وذلك عندما يكون الأمر مرتبطًا بتوظيف أهله وذويه، ويتحدث عن البطالة وأضرارها والسعودة وضرورتها، ويتجاهل أنه وأمثاله السبب الرئيس في البطالة، وأنه واقعيًّا ممن يحاربون السعودة.
هذا تلون بلونين، وكيل بمكيالين؛ إذ يريد من غيره من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية أن تسهم في توفير الوظائف لأبنائه في الوقت الذي يشن فيه حربًا ضد من يدعو لمغادرة الوافدين.. عبثًا يطالب بالسعودة في الوقت الذي يمارس فيه ما يتنافى مع السعودة.. يلعب دور الجلاد ودور الضحية، ويعمل دور الذئب ودور الخراف.
هذا التلون وهذا الكيل بمكيالين دليل على نزع يده من أن يكون شريكًا للدولة في عملية التنمية.. وما علم أن الدولة أحكمت قبضتها على كل الشرائح، بما في ذلك رؤوس رجال الأعمال المتنفذين.. وما علم أيضًا أن زمن الفساد وزمن الأرباح الخيالية وزمن جشع التجار وزمن أنانية التجار قد ولى دون رجعة، وأن الوطنية ستضعك أمام خيارين: إما أن تستفيد وتفيد أبناء بلدك وإلا وجب عليك دفع ضريبة عدم التوطين المتمثلة في دفع رسوم الوافدين.
ليس من الذكاء أن تبني مؤسسة في بلدك وتستجلب لها أرخص الموظفين والعمال من خارج البلد، وتتناصف أنت وإياهم ثمن الكعكة، وأبناء البلد هم الزبائن الذين اشتروا ودفعوا ثمن تلك الكعكة، وفي الوقت ذاته ممنوعون من أرباحها.
قبل سنتين، عندما فُرض قانون رفع الرسوم على الوافدين، تعاطف الكثير من المواطنين مع الأضرار التي لحقت بالوافدين، لكنهم نسوا أو تناسوا تلك الأعداد من الشباب السعودي والشابات السعوديات الذين تجمهروا خلف أسورة مؤسسات الدولة حاملين ملفاتهم الخضراء وهم يصيحون: نريد وظائف، نريد وظائف.. ولكن ما إن غادر البلد نحو مليون وافد لا حاجة لخدماتهم إلا وبدأت انعكاساتها لصالح المواطن، لكنها ستتضح أكثر في السنوات القادمة.
ختامًا، ليس في رحيل الوافدين أي تحيز أو عنصرية؛ فالقانون الذي تجمع عليه الإنسانية أن ابن البلد أحق بلقمة عيش بلده من غيره.