ياسر صالح البهيجان
يبدو أن الحرب التجارية بين العملاقين الأمريكي والصيني تتجه نحو مزيد من التعقيد في ظل تزايد التدابير الضريبية على صادرات السلع والخدمات فيما بين أضخم اقتصادين في العالم، واستمرار الأزمة قد ينتج عنه تباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي، أي تكرار لسيناريو الكساد الكبير الذي تدحرجت كرته من الولايات المتحدة عام 1929م لتشمل معظم الدول والمجتمعات.
يرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الصين مستفيدة من التصدير إلى الأسواق الأمريكية أكثر من استفادة بلاده من التصدير إلى الصين، بفارق مالي يبلغ 500 مليار دولار، ما جعله يتخذ خطوة زيادة الرسوم الضريبية على الواردات الصينية، وبطبيعة الحال وكما جرت العادة، فإن الدولة المتضررة من هذا القرار ستتخذ تدابير مشابهة كردة فعل لكبح جماح الآخر، ولذا عاملت بكين واشنطن بذات الطريقة، وفرضت بدورها زيادة في الرسوم على الواردات الأمريكية.
الخطورة تكمن في أن استمرار مضاعفة أسعار الرسوم بين البلدين قد تسهم في الحد من عملية التصدير والاستيراد للسلع والخدمات، ما قد ينعكس سلبًا على معدلات التصنيع والإنتاج لديهما، وينعكس كذلك على مستوى طلبهما للمواد الخام التي كانا يستوردانها من دول أخرى، وهو ما يعني تضرر أطراف ودول خارج معادلة الصراع المباشر بين العملاقين.
والحق أنه ليس ثمة مستفيد من تلك الحرب التجارية، والتاريخ يؤكد بأن الصراع بين العمالقة على المستوى الاقتصادي يضر بالطرفين ضررًا مباشرًا، لذا لن تتمكن واشنطن من خفض الفارق بين صادراتها إلى الصين وصادرات الأخيرة إليها، وإنما ستعمق الفجوة، وستتأثر العديد من الشركات الأمريكية الكبرى الداعمة للناتج القومي الإجمالي، بقدر ما سيتأثر ناتج الصين الإجمالي.
ولا تزال الدوائر السياسية في واشنطن تمارس ضغطها على الرئيس الأمريكي للتراجع عن قراره، ولا تنفك عن تحذيره من مغبة الاستمرار في هذا الاتجاه الوعر، كما أن حلفاء أمريكا لن يترددوا في إسداء النصح للرئيس ترامب من أجل الحفاظ على مصالحهم المشتركة، وعدم الزج بها في أتون حرب لن ينتصر فيها أحد.