د. خيرية السقاف
بعد أن تمتع منسوبو المؤسسة التعليمية بإجازة طويلة طويت كورق الكتاب ببعضهم،
ومرقت كاللمحة لآخرين منهم، وطالت كحد السكين على من لا يألف الدعة، ومماطلة الفراغ لمن لم يستغلها منهم في عمل نافع، أو لم يشغلها بإنجاز ذاتي مثمر،
عادوا لساقية الدرس، والتعلم، والتعليم، والإشراف، و»الزحمة»، وانتهاك تطبيقات التواصل بعد «الدوام» لأوقات راحتهم في منازلهم!!..
عادوا أدراجهم للمدارس، ولمكتبات الأدوات المدرسية، ولمتاجر الأحذية الرياضية،
والأزياء المناسبة للدوام العملي..
وخفتت حدة الانشغال مساء البارحة أول أمس بمواقع التواصل الاجتماعي، والألعاب الإلكترونية، والمحادثات الجانبية!!
إذ تقلبت الأجساد ليلا في مضاجعها، وجافى النوم العيون في محاولة لاستعادة القدرة عليه، فالبكور موعدًا للجميع كان الأمس الأول..
موعدًا كان ليوم آهلٍ بالأمنيات أن تبدأ السنة الدراسية وتنهي مفعمة بالتوفيق، والاستزادة..
كل ذلك يشير إلى حركة مجتمع توجه أفراده أول يوم فيها إلى وضع آخر غير الذي كانوا فيه لمدة ثلاثة شهور وأكثر انتهى ببدئها!..
وفي هذه المؤسسة التعليمية يكمن ليس طموح هؤلاء، ولا أمانيهم، ولا تطلعاتهم، ولا ما يبتغونه فقط..
هذه المؤسسة التعليمية التي امتدت شجرتها من جذر رياض الأطفال، إلى قمة مراكز البحوث، ومنجز الدرجات العلمية العليا، وأعلى سقف لأغراض الابتعاث، ومنتهى آماد أجنحة خطط الوطن، وغايات رؤية المستقبل..
هذه المؤسسة التي تكدُّ، وتتفاعل، وتجهد، وتعطي، وتبذل، وتحاول، وتجرب،
التي طالت يدها فلملمت خبراء التعليم من أقاصي الأرض، فجمعتهم في مؤتمرات تطلعية لنقل الخبرات، والاستفادة من وسائل التنمية المعرفية، وأساليب التعليم التنفيذية، ومنجزات العصر المنتِجة للخبرات، وللمستويات الراقية في التحصيل، وللتراكمات الجذرية لأسس التعلم الصحيحة، والسليمة، والمكينة، والمؤثرة، والمتنامية، والمستشرفة، المستدامة آثارها، ومنجزاتها في الإنسان الفرد، وفي الإنسان الجماعة، وفي الإنسان المجتمع، وفي الوطن الكل..
هذه المؤسسة بالأمس عادت لشرايينها الحيوية، وبدأت دواليب الساقية فيها تدور..
فلعله النبع رخاء، ولعل الرعاء حين يصدر فبسقيا وافية تصد منافذ عطشهم، تروي جذورهم، تغذي جذوعهم، تمد غصونهم، تورق فروعهم، تخضر عنها أوراقهم، وتنبت ثمارهم ريانة، معافاة.. لتشرق شمس زمنهم بالجديد الدافع، والمبتكر النافع، والأثر الساطع..
وفق الله كل حركة نبض فيها، وفيهم.