د. جاسر الحربش
هل يوجد بيننا من يتوقع ترحيب وانشراح دولة عربية أو إقليمية أو عالمية بانتصار سريع وسهل لتحالف إعادة الشرعية في اليمن؟.. هل يوجد أحد يعتقد بترحيب ولو دولة عربية واحدة أو إقليمية أو عالمية بخروج السعودية والإمارات والشرعية اليمنية من هذه الحرب كقوة قادرة على ردع أيّ عبث محتمل بأمن الخليج والجوار العربي، بعد اكتسابها للخبرة القتالية المتوج بالانتصار، ليس على الحوثي فقط وإنما على رعاة الحوثي وتجار السلاح ومتصيدي النفوذ العالمي في عواصف الربيع العربي الكالح؟.
في الدائرة الأضيق لا شك أنه توجد حكومات داخل منظومة الخليج العربي نفسها تعتقد بأن الانتصار النهائي للتحالف قد يضعفها أمام السعودية والإمارات، ولذلك تتمنى وتعمل لإطالة الحرب مهما كانت التكاليف على الأطراف المتقاتلة، وأنتم تعرفون هذه الحكومات والتلويح يغني عن التصريح.
هل يعتقد أحد أن الإدارات الأمريكية السابقة والحالية واللاحقة تتمنى لهذه الحرب أن تنتهي بعودة الشرعية إلى اليمن واستقواء التحالف السعودي الإماراتي بيمن عربي مستقل السيادة والتحكم بثرواته وحدوده وسواحله البحرية؟. هل يعتقد أحدكم بأن روسيا بوتين وما بعد بوتين وإسرائيل نتنياهو وما بعد نتنياهو وتركيا أردوغان وما بعد أردوغان سوف تكون مرتاحة لوضع عربي قوي ومستقر في مناطق النفط والمقدسات الإسلامية والسواحل المفتوحة على أهم ممرات التجارة الدولة..؟.
هل يعتقد أحدكم أن أية حكومة عربية ما بين المحيط وشط العرب يسرها ويسعدها أن تنطلق نهضة عربية تحديثية من صحاري الجزيرة العربية لتقدم النموذج المحتمل الذي تباركه الشعوب العربية وتعتز به في مختلف دولها وتتوقع من حكوماتها تشجيعه والاحتماء المتبادل به ومعه..؟.
الأسئلة من هذا النوع عن مواقف إيران والأحزاب والتكتلات الفاسدة المفسدة في العراق والحكم الطائفي المذهبي في سوريا ووكيل الولي الفقيه في لبنان لا لزوم لطرحها، لأنه من البداية كان الاغتصاب الإيراني الحوثي لليمن مجرد امتداد لنفس الأوضاع المتقيحة في إيران والعراق وسوريا ولبنان. للأسف حتى الأطراف الفلسطينية التي لم تتفق على بندقة واحدة لقضية واحدة هي أيضاً منقسمة وموزعة الولاءات تجاه حرب إعادة الشرعية لليمن.
إن كانت كل الإجابات على الأسئلة هي لاءات متكررة، إذاً ما هو المتنظر من السعودية والإمارات والشرعية اليمنية للإجابة على السؤال الوارد في العنوان: ما هو المتوقع لو ترك اليمن منذ البداية للحوثي وإيران؟. المحبطون المحبطين بيننا وهم قلة انهزامية، لماذا ينسون أو يتناسون الأهداف التي كان التمرد الحوثي والإعلام الإيراني يهدر بها متوعداً ومقسماً في كل وسائل إعلامه؟.. ألم يقل هؤلاء أن السعودية والإمارات والخليج برمته يخضع لحكومات غير شرعية، وأن المقدسات الإسلامية في أيد غير أمينة ولا مؤتمنة، وأنه حان الوقت لتحرير الجزيرة العربية واسترجاع المقدسات للإسلام والمسلمين؟. المتوجب إذاً على من قرر قطع رؤوس الأفاعي لكف الأذى عن دياره ومقدساته أن يصمد ويتقوى بالتأييد الشعبي الكاسح، وأن يذهب في قراره حتى النهاية. لا يمكن إعطاء تنازلات لتجار الحروب والمتشككين والمشككين ومدمني الهزائم والتبعية ولا لمن تقوم سياساتهم بالأساس على تقطيع الأوصال والاقتسام.
هل يتخيل أحد بيننا موجات الطوفان الدموي الأحمر التي قد تجتاحنا -لا سمح الله- لو استجبنا لقرارات الأمم المتحدة والحملات الإعلامية من الشرق والغرب، وتركنا اليمن لنفس المصير الذي تحقق لإيران في سوريا ولبنان والعراق. هل نسي أحد من قال إن صنعاء هي العاصمة الرابعة التي استولينا عليها، وغداً مكة والمدينة، ومتى قال ذلك -أنار الله عقولكم-؟.
نعم إن الحروب إحدى كوارث البشرية المرعبة، ولكن عندما تكون استحقاقاً وواجباً دفاعياً واضحاً يصبح الصمت استسلاماً وهزيمة.