ناصر الصِرامي
أول خبر نُشر باسمى قبل 25 عاماً، كان موافقة على انضمامي لكتيبة المتعاونين بجريدة الرياض، ثم انطلاقي في مجال التحقيقات الصحفية.. كنت ما زلت في السنة الثانية من المرحلة الثانوية حينها!
المتعاونون، أو الصحفيون غير المتفرغين، هم من شكلوا الكثير من المحتوى وأسهموا بفعالية في تحولات ونمو وازدهار المهنة، بل وسعودتها، كان العائد المادي مجزيًا، فالصحف كانت قد بدأت بالازدهار المالي حينها.
ندرك اليوم حجم التغير في الطريقة التي يعمل به الإعلام، ورغم أن فصل القلم عن الصحافة كان أقرب لعملية سيامية معقدة، إلا أن العملية نجحت، وستنجح عملية فصل أخرى، وهي فصل الصحافة عن الورق ورائحة الحبر!
بعد سنوات من التعاون والتفرغ الصحفي، كنت وصلت إلى الولايات الأمربكية، كانت الإنترنت في توهجها، وكانت فرصة أو صدفة قدر جميلة مجددًا للإمساك بعالم جديد. لا مع انبعاث الشبكة العالمية وتغيرها للعالم، وتحديدًا هنا لصناعة الإعلام بكل تفاصيلها، والأهم محتواها..!
تذكروا دائماً، أن الإعلام سيرة لن تتوقف، حتى وإن اختطفه بعض الجهلة وأصحاب المصالح الضيقة وانتهازي الفرص على كل حساب، بما فيها المهنية بجلالتها!
بالمناسبة أيضاً، مر على الإنترنت 25 عامًا أيضًا، مصادفة تاريخية جميلة على المستوى الشخصي!
في النصف الثاني من العقد الأول من هذا القرن، وتحديدًا بعد عام 2005، توسعت الإنترنت لتقدم خدمات ومحتوى بلا توقف، أسهمت في إعادة توزيع «قوى التأثير» بناء على الضيوف الجدد في «عالم المؤثرين»، سواء كان هؤلا أشخاصًا، تطبيقات، مواقع أو شركات المعلومات والمحتوى العملاقة... والتي سرقت الإعلان من المؤسسات المحلية لحساب شركات دولية مثل فيسبوك وقوقل!
نعم الصحافة الورقية تحتضر، الراديو اختفى إخبارياً، والقنوات التلفزيونية الإخبارية بين متردية ونطيحة، مع سوء تدبير وإدارة لتفقد القوة والحضور والجذب.
لكن لنتذكر أيضاً - أننا الآن في مرحلة ضبابية جداً، ومتقدمة أيضًا، في تحولات الإعلام والإعلام الاجتماعي، وما نشهده ليس إلا بدايات.
تحولات فنية وتجارية، أسهمت في هبوط حاد لدى المؤسسات التقليدية، تسبب في خفض رواتب صحفيين وكتاب وتسريح المئات والمئات، وانخفاض حاد في إعداد كتيبة «المتعاونيين»، والنزيف مستمر!
مؤسسات لها رصيد تاريخي، واسم تجاري، وأرشيف محتوى ضخم، والأهم موثوقية عالية، وهوية معروفة، أسهمت في بناء الإعلام السعودي محلياً وإقليمياً ودولياً، وقدمت كفاءات فذة لأجيال، لا يمكن التعاطي معها بقيمة أقل من مواقع متواضعة، أو حسابات وهمية.
مؤسساتنا الصحفية بعضها أو جلها، بجب أن لا يترك لظرف الزمن وعوامل التعرية، والاختبار، بل من المهم ترميمها، دعمها تنميتها لتستمر في عصر جديد لدور متجدد.... ونكمل.... إلى لقاء..