م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - في عام (1996م) تم اختيار اسم «كوداك» صانع أفلام التصوير الأول في العالم كواحد من الأربعة الكبار في العالم مع «كوكا كولا ودزني وماكدونالدز».. وفي عام (1999م) وصلت أرباح شركة «كوداك» قمتها التاريخية.. وبعد ذلك بثلاث سنوات أي في عام (2002م) أعلنت «كوداك» إفلاسها.. فما الذي حصل؟
2 - منذ عام (1900م) والسويسريون يهيمنون على صناعة الساعات في العالم.. وكان هناك (سبعون ألف) مصنع للساعات في سويسرا في ذلك الحين.. في عام (1967م) تم اختراع الساعات الرقمية.. وتم عرض تلك التقنية على السويسريين فرفضوها.. لكن شركة (سيكو) اليابانية اشترت حقوق الاختراع فأصبحت بين ليلة وضحاها أكبر شركة ساعات في العالم.. مما أخرج (50) ألف مصنع ساعات سويسري من السوق فوراً وتلاها المئات الأخرى من المصنعين.. ولم يبق سوى مُصَنِّعي الساعات الفاخرة التي هي أقرب إلى المجوهرات وليس الساعات.. ولم ينقذ ريادة سويسرا في صناعة الساعات إلا ظهور ماركة (سواتش) لكن بعد ما تم تدمير ثلثي صناعة الساعات فيها.
3 - صدرت مجلة (فوربز) عدد شهر نوفمبر عام (2007م) بغلاف يحمل صورة جهاز هاتف نوكيا تحت عنوان: «نوكيا تصل إلى مليار عميل.. من يستطيع أن يلحق بملك الهواتف؟».. كان تحدياً صعب المنال في حينه.. أدخل القائمين على شركة نوكيا في خدر الثقة إن لم يكن الغرور.. ولم يُلقوا أي نوع من الاعتبار إلى محاولات الآخرين للانتقال إلى عوالم أخرى في مجال الاتصال الذي تسيدوه.. حتى صعدت شركة أبل بجهاز (أيفون) الذي قلب المعادلة.. ووصلت من خلاله (أبل) الشهر الماضي إلى أن تكون أول شركة في التاريخ تتجاوز قيمتها تريليون دولار.. بينما أصبحت شركة نوكيا من شركات الاتصال المتخلفة تقنياً.. وخُلعت من عرشها لتمضي العقد الأخير في محاولة إنقاذ نفسها من الغرق.
4 - هل السبب في انهيار كوداك أو نوكيا أو صناعة الساعات السويسرية من المراكز الأولى في العالم إلى الإفلاس هو نتيجة بطء تلك الشركات في الانتقال إلى العالم الرقمي.. أم يعود السبب إلى فشلهم في الوصول بجودة منتجاتهم الرقمية بما يتفق مع اسمهم وسمعتهم.. أو سوء إستراتجياتهم التسويقية والتشغيلية.. أو خطئهم في استشراف التطورات المستقبلية.. أو ضعفهم حيال تطوير منتجاتهم؟.. الحقيقة أن كل تلك المبررات لا تزيد على أن تكون مؤشرات إلى وجود مشاكل أعمق هي التي قادت إلى هذه النتيجة.