محمد آل الشيخ
جميع السعوديين، ابتداءً من خادم الحرمين -حفظه الله- وانتهاءً بأصغر مواطن سعودي، يتمنون أن تنتهي حرب اليمن، لكن كل السعوديين أيضاً يرفضون بلا تردد أن تبني حكومة ملالي الفرس الكهنوتية حزباً على غرار حزب الله في خاصرتنا في اليمن، لأن ذلك سيكون بالنسبة لنا تهديداً سافراً لأمننا الوطني؛ والتغاضي عن هذه النقطة، أو بلغة أدق تهميشها، هو تفريط غير مسؤول بمستقبل المملكة، وأمنها واستقرارها؛ وهذا ما يجب أن يدركه الجميع تمام الإدراك، فلا سلام في اليمن، ولن تقف الحرب، إلا إذا سلمت ميليشيات الحوثيين (الإيرانية) أسلحتها الثقيلة والمتوسطة إلى السلطات الشرعية اليمنية، وهذا خط أحمر، لا يمكن المساومة عليه، ولا الرضوخ لأيّ ضغوط مهما كان مصدرها حول هذا الشأن الأمني، فالقضية بالنسبة لنا نحن السعوديين قضية وجودية، ونحن على استعداد للقتال من أجلها مهما كانت التبعات، والخسائر، فأيّ خسارة بشرية أو مادية لا يمكن أن تبرر التفريط بأمننا الوطني.
اللبنانيون في مؤتمر الطائف ارتكبوا خطأ جسيماً عندما سمح الفرقاء المتنازعون بتسليم الجميع لأسلحتهم ما عدا ميليشيا حزب الله الإيرانية، بحجة أنه يقاوم إسرائيل، وها هو هذا الحزب الإيراني العميل يهيمن على القرار اللبناني، ويرسل ميليشياته رغم أنوف اللبنانيين للقتال في سوريا واليمن والعراق.. بينما أن الجبهة مع إسرائيل هادئة تماماً منذ ما يزيد عن عشر سنوات؛ بمعنى أن حزب الله لا تهمه مواجهة إسرائيل ولكنه يقوم بتمهيد الأرض للتوسع الإيراني في المنطقة.. والإيرانيون يريدون من حزب الحوثيين في اليمن أن يكون حزب الله آخر في خاصرتنا؛ ما يجعل حربنا هناك، وكذلك حرب الإمارات العربية الشقيقة، هي حرب تتعلق بأن نكون أو لا نكون.
ولسنا، وليست الشقيقة الإمارات، المستفيدون الوحيدون من هزيمة وسحق هذه الميليشيات الكهنوتية المتخلفة، إنما يأتي اليمنيون، وكذلك مستقبل اليمن السياسي، في طليعة المستفيدين، رغم الخسائر في الأرواح والأموال التي كلفتها ومازالت تكلفها هذه الحرب، وليس لدي أدنى شك أن سحق هذه الميليشيات المتخلفة واقتلاع أيديولوجيتها من أرض اليمن، ستمكن الوطنيون من بناء دولة وطنية مدنية متحضرة مستقرة في أرض اليمن.
أعرف أن الحرب وأهوالها دائماً كارثية، إلا أن اقتلاع هذا الوباء العميل يحتاج لمثل هذه التضحيات. ولعل ما يحدث الآن في العراق، وانتفاضة شعبها ما هو إلا مثال جيد لليمنيين كي يأخذوا منه العبرة؛ فالعراق الدولة الثرية بمواردها الطبيعية المتنوعة، حولها الاحتلال الإيراني إلى دولة هزيلة متخلفة، منتهى آمال شعبها أن يحصلوا على رشفة ماء نقي.
وكذلك الأمر بلبنان، وكيف حولها حزب الله إلى دولة بلا خدمات، وبلا أمن، وديون تكبل اقتصادها تزيد عن 90 مليار دولار. لذلك فالحرب ضد الحوثيين هي حرب استقلال وتحرر في الدرجة الأولى.
إلى اللقاء،،،