سمر المقرن
كان مشهد الرجل مقززا جداً، وهو صاعد على كرسي ويقوم بتمزيق لوحة إعلانية طبية في الشارع كونها تحتوي على صورة امرأة، قام بهذا الفعل دون أن يمر عقله بأي مراحل تفكير بأن هذا الإعلان يمر بآلية نظامية وقانونية وأن هناك جهات بإمكانه العودة إليها إن كان يرى في الإعلان ما يهز مشاعره أو يُتعب أعصابه! قام بهذا الفعل وهو يؤمن بأن هذه الوصاية على المجتمع حق من حقوقه وأن بإمكانه أن يُتلف ويُفسد أي ممتلكات طالما يحمل في صميم ذاته هذا الحق!
هذا الفعل وهذا الرجل هو يُمثل أفكار تتهاوى من جذور وتراكمات ترى أن تكريم المرأة بالنظرة الدونية لها، وأن حفظها وحمايتها في تواريها خلف الحياة وخلق أدوار محددة لها في صالح صاحب القفل والمفتاح، المهم تظل محصورة في سياق مصلحته. هو كذلك قام بهذا الفعل لأن أفكاره لا تبرح النظرة الشهوانية للمرأة وأن صورتها على لوحة إعلانية طبية في الشارع مصدر غواية كما هي كل امرأة تمر من زاوية عينيه حتى لو كانت مغطاة بالكامل سوف تظل مصدر غواية ولربما الخطيئة!
هذه الحادثة هي دلالة على وجود عينة تحمل أفكاراً عدوانية تجاه المرأة، ولعلي هنا أتذكر أن هذه الأفكار لا يحملها إلا شخص يتلذذ بالعنف ويؤمن بمبدأ قوة الذراع كما هو الحال في فكر الفيلسوف «نيتشه» الذي كان شديد العداء للمرأة في المقابل هو شديد الإعجاب بالعنف والقوّة!
إن تسطيح النظر للمرأة وكأنها مجرّد جسد هو تأصيل لإهمال عقلها وفكرها وبالتالي شراكتها الفاعلة في المجتمع. أما الممارسات السلبية ضد المرأة من عنف سواء بدني أو لفظي أو نفسي هو أحد نتائج النظرة الدونية للمرأة، أضف إلى ذلك التحرّش بالمرأة أنه نتيجة مباشرة لمثل هذه الأفكار. وقبل أن يرد عليّ أحدهم -كالعادة- ويضع أرقاماً وإحصائيات عن العنف ضد المرأة لدى الغرب، فأوضح أن سببه كذلك النظرة الدونية للمرأة والتي لا تنحصر لدى المجتمعات العربية فقط، وهذا ما جعلني أستشهد بعدو المرأة نيتشه!
بالنظر إلى إقدام مواطن على هذا السلوك يصف سلبيات فكرية عديدة تحملها أفعال وتصرفات لا تضع اعتباراً لأنظمة الإعلانات الموجودة في الشوارع ولا إلى المرجعيات القانونية للاعتراض عليها، ولا إلى المرأة باعتبارها مُحرك كل هذه السلوكيات المبنية على التحقير والازدراء!