محمد سليمان العنقري
تتعدَّد حلول البطالة وتتركز عادة بالبُعد الاقتصادي من خلال خطط تنموية واسعة؛ فخفض البطالة يعد أهم تقييم لنجاح الخطط الاقتصادية؛ ولذلك عند النظر في أهداف رؤية المملكة 2030 م فإن توليد فرص العمل وهيكلة السوق يعدان من أهم الأهداف التي تسعى الرؤية لتحقيقها، لكن الشق الاقتصادي بالرغم من أهميته وأولويته لا يكفي لحل جذري للبطالة على المديَيْن المتوسط والبعيد دون المعالجة الاجتماعية للبطالة.
وللبطالة أنواع، وقد يكون أقربها لحالة سوق العمل بالمملكة هو «البطالة الهيكلية»؛ إذ يوجد أكثر من عشرة ملايين وافد، نسبة البطالة بينهم شبه صفرية، بينما نسبة البطالة بين المواطنين 12.9 %، وهو ما يعني اختلالاً، لا بد من معالجته بجوانب عديدة غير تقليدية، وخصوصًا في الشق الاجتماعي؛ فحجم المشاريع التي تضخ سنويًّا بالاقتصاد منذ أربعة عقود ضخم جدًّا، ولكن ما زال السوق يعتمد على العمالة الوافدة؛ وهو ما يتطلب إجراءات عديدة وفق خطة واستراتيجية تقود تنفيذها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، تعالج أوجه القصور بحلول البطالة كافة، وتحدد الأسباب من قِبل وزارة الاقتصاد والتخطيط؛ لكي تقوم كل جهة بدورها حسب مسؤولياتها.
فالأسباب الاجتماعية للبطالة عديدة، ولكن يبرز منها التعليم الذي يتطلب رفع مستوى كفاءته؛ ليتواكب مع حجم فرص العمل الكبيرة بالاقتصاد حاليًا ومستقبلاً؛ فما زال التعليم المهني والتطبيقي، وكذلك نسب المنتسبين للتخصصات العلمية، أقل بكثير من احتياجات سوق العمل المحلي. ورغم تخصيص الدولة نحو 22 % في المتوسط من موازنات المملكة السنوية للتعليم منذ نحو 15 عامًا إلا أن القطاعات التعليمية لم تواكب أهداف التنمية البشرية بما يخص احتياجات سوق العمل.. فالتوسع في القبول للتخصصات المطلوبة، كالهندسية والصحية والمهنية عمومًا، يُعد قليلاً إجمالاً؛ وهو ما أسهم ببطء حلول البطالة رغم الزخم الكبير بالإنفاق العام. كما أن استمرار الاعتماد على العمالة الوافدة بأعداد كبيرة له دور سلبي بزيادة البطالة، إضافة إلى غياب رفع ثقافة العمل بالمجتمع من خلال برامج توعوية، ودور أوسع لمؤسسات التعليم بزرع تلك الثقافة مع بقية مؤسسات المجتمع المدني، وكذلك إشراك القطاع الخاص بدعم الوعي بثقافة العمل.
البطالة تحدٍّ لأي اقتصاد، وخفضها هدف أي خطة تنموية، لكن المعالجة لا تتم فقط بالإنفاق على المشاريع والتوسع بحجم الاقتصاد؛ لأن ذلك ماثل باقتصاد المملكة منذ بداية أول خطة تنموية قبل 48 عامًا؛ إذ لا بد من المعالجة الاجتماعية للبطالة؛ لتكتمل الحلول، وترتفع كفاءة الإنفاق بالاقتصاد من خلال الاستثمار الناجح بالكوادر البشرية بالجوانب كافة التي تجعل منهم قوى عاملة نشطة، يعتمد عليها الاقتصاد بالقطاعات كافة.