د. أحمد الفراج
نواصل الحديث عن كتاب الصحفي الشهير بوب وودوورد عن البيت الأبيض والرئيس ترامب، وأؤكد هنا أن صدور هذا الكتاب، ومن هذا المؤلف تحديدًا، وفي هذا التوقيت، أمر مريب للغاية. وسأزعم هنا أن هذا الكتاب يهدف إلى إحداث زلزال، يخلخل صفوف الحزب الجمهوري، حزب ترامب، ويشكك الناخبين في مقدرة الرئيس ترامب على قيادة الولايات المتحدة، وهو ما سيعود بالمصلحة على الحزب الديمقراطي في الانتخابات النصفية في الخامس من نوفمبر القادم، وهذا هو حلم اليسار الغربي وحلفائه حول العالم. ولا يمكن الجزم بإثبات أو نفي ما ورد في الكتاب، وفي الوقت ذاته لا تعني شهرة المؤلف وبراعته ودقته أن كل ما ذكره صحيح؛ فكل شيء خاضع للتسييس، وخصوصًا في عهد ترامب الذي أحدث فوزه، ومن ثم سياساته، زلازل كبرى.
أول ما لفت انتباهي كان تاريخ موعد صدور الكتاب، وهو الحادي عشر من سبتمبر القادم. فهل يذكركم هذا التاريخ بحدث ما؟! وهل تتذكرون أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وتفجيرات نيويورك؟ فلماذا هذا الموعد تحديدًا، وهو الموعد الذي يتذكر فيه الأمريكيون ذلك الحدث المشؤوم، الذي طعن هيبة أمريكا في الصميم؛ وبالتالي يتحدث الإعلام والشعب الأمريكي على السواء في كل ذكرى للحدث عن: «الأمن القومي». ومؤلف الكتاب الجديد تحدث في كتابه عن معلومة خطيرة، تذكر أن بعض مساعدي ترامب أخفوا عنه بعض الأوراق خشية أن يوقِّعها؛ فيتسبب ذلك ببعض الأخطار على الأمن القومي!! ما يعني أن طرح الكتاب في ذكرى أحداث سبتمبر ليس بريئًا بالمطلق، بل ليقول للأمريكيين: «إن رئيسكم الحالي، دونالد ترامب، قد يتسبب بأحداثٍ، تضرُّ هذه الدولة العظمى!».
الكتاب مليء بمعلومات أخرى، توحي للقارئ بأن أهم رجالات ترامب لا يثقون به، ولا بقدراته؛ فالمؤلف ينقل أن وزير الدفاع الجنرال جيمز ماتيس قال مرة: «إن قدرات ترامب تعادل قدرات طالب في الصف الخامس أو السادس الابتدائي!». كما يزعم أن رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض الجنرال جون كيلي نعت ترامب بالغبي! كما ينقل أحداثًا أخرى عمن عملوا مع ترامب، وتم طردهم. وهنا يتساءل الإنسان المنصف عن مصداقية أي رواية، تصدر عن شخص ضد شخص آخر، في ظل علاقة سيئة بينهما، تظللها الخلافات. وقد سارع وزير الدفاع ورئيس هيئة موظفي البيت الأبيض بإصدار بيانات، تنفي ما ورد في الكتاب على لسانَيْهما، وأكدا إخلاصهما وولاءهما للرئيس. ولأن هذا الكتاب سيكون له أثر على الانتخابات النصفية المفصلية القادمة فسنواصل الحديث عنه، وعن ردة فعل ترامب تجاهه، والآثار المتوقعة له سلبًا وإيجابًا!