فهد بن جليد
هذا الصيف اكتشفت أنَّ تزايد (الهوس) بتصوير الطعام، وصل إلى مرحلة مُتقدمة عند بعضنا، لدرجة التأثير في تحديد وتفضيل (وجهات السفر) وترجيح زيارة بلدان على أخرى، حدث هذا عندما جلس بجواري في (الدرجة الكوحيتي) طبعاً، شاب وزوجته ونحن في الطريق لإحدى الدول، عندما تجاذبنا أطراف الحديث، وعرفت منه أنَّهما فضَّلا زيارة هذا البلد للمرة الأولى على بلدان أخرى لتصوير وجبات الطعام الغريبة في مطاعمه, والتي لم تنتشر بكثرة في وسائل التواصل الاجتماعي لدينا, رفعتُ حاجبي الأيمن (بطريقة احترافية) وقلت له بخبث (بتفهمني أنكم جايين عشان تصورون المطاعم) فقط؟ فأكد لي أنَّ توفر فرصة لتصوير وجبات جديدة في أجواء رائعة وبأشكال جديدة، رجَّح خيارهم نحو هذا البلد أكثر من غيره من الدول التي يتم تداول صورها بكثرة!.
التفنُّن في نشر صور الوجبات عبر الحسابات الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، يُشبه إلى حد كبير المُنافسة في سباق جماعي للفوز بأفضل وأغرب وأجمل صورة, هذا النوع من التميز لا يخصُّ سياحنا في الخارج فقط، بل طوال العام وفي مطاعمنا المحلية أيضاً، حتى أنَّ خيارات وجبات (المنيو) عند زيارة المطاعم والمقاهي ,لم تعد تعتمد على الطعم بل على الشكل، فسابقاً كان أصحاب المطاعم يجتهدون في كتابة (مكونات الوجبة) بطريقة جاذبة، لدَّلالة على طعمها والفوز بخيارات الزبائن, أمَّا اليوم فإنَّ صورة مُحسَّنة (بالفوتوشوب) تكفي لإشباع العين -لا سد الجوع - مع دخول فن (تصوير الطعام) لقائمة أغراض وأهداف زيارة المطعم والمقاهي.
التعرف على ثقافة الشعوب الغذائية، وتناول مُختلف الأطعمة وتذوقها من خيارات ومُحفزات السفر مُنذ القدم، إلاَّ أنَّ الحالة التي نحن بصددِّها مُختلفة تماماً، مع تزايد المبالغة في وضع صور للوجبات وتصاميمها والتركيز عليها - أكثر من ذي قبل - في وسائل التنشيط السياحي، كدليل لإدراك القائمين على السياحة في العديد من البلدان، على تأثير ذلك على السياح الخليجيين، بإبراز (المطاعم والكوفيهات) وما تقدمه ممَّا يُحسن تصويره، كوجهة سياحية جديدة (غير مُعلنة)!.
وعلى دروب الخير نلتقي.