عروبة المنيف
بدأت تباشير العام الدراسي بالانهمار، والتي من أبرزها، تلك النقلة النوعية في المناهج الدراسية، من حيث مواكبتها للعصر وللتطورات التكنولوجية بما يتوافق مع رؤية 2030. فقد عززت تلك النقلة ثقتنا بالنظام التعليمي، الذي بدأ السير في موكب التعافي والانطلاق نحو المستقبل بهدف تخريج جيل قادر على تحمل مسؤولية وطنية عظيمة، جيل متمكن من التطورات التقنية المحدثة بلا انقطاع لإحداث نقلات حضارية مرتكزة على أحدث الأساليب التعليمية.
في زخم تلك الأجواء المبهجة، تعكر علينا بعض الأخبار صفاءها. فقد تم الإعلان عن قصور في تجهيز المتطلبات الضرورية «لمناهج التربية البدنية للبنات» في المدارس، والتي تبدأ من العجز في تجهيز الصالات الرياضية ولا تنتهي فقط في عدم توافر الطاقم التعليمي المؤهل من مدربات للقيام بعملهن التدريبي، وقد عزي السبب إلى القصور في الميزانية المخصصة لذلك المنهج !. ذلك القصور المعلن في «منهج التربية البدنية» ينبغي أن يتدارك ومن أعلى المستويات في السلك التعليمي، فمنهج التربية البدنية يجب أن لا يقل شأناً أوأهميةً عن أي منهج تعليمي آخر، فقرار تطبيق التربية البدنية للبنات في المدارس والجامعات من القرارات التاريجية التي اتخذتها القيادة ويتوجب توافر الحماس والجدية في التطبيق من قبل القائمين على التنفيذ لتكون لها أولوية شأنها شأن غيرها من المناهج الأخرى، فلا علم بدون صحة بدنية.
ليس هناك أي جدال ببديهية الارتباط الوثيق بين ارتفاع مؤشر الأمراض وبين مرض السمنة، ولا سيما تصدر المملكة دول العالم في نسبة السمنة بين سكانها بتحقيقها المركز الثالت على مستوى العالم (35.2 % من عدد السكان) مصابون بالسمنة، «حسب آخر تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية»، فالاهتمام بتثقيف الفتيات في المدارس على «المنهج الصحي والبدني» وتعزيزه هو أمر جوهري ويتعلق بصحة أمة، فلا يتوقف الأمر على ممارسة التمارين الرياضية، بل يتعدى ذلك بحيث يتضمن توظيف أخصائيات تغذية في كل مدرسة يعملن جنباً إلى جنب مع مدربات الرياضة بحيث يشكلن فريقاً منسجماً، هدفه توعية الطالبات بأهمية اتباع نظام غذائي صحي متوازن ليكون منهج حياة، وتحذيرهن من مخاطر الإسراف في الطعام على الصحة وعلى ميزانية الأسرة وتعليمهن أساليب الترشيد المرتبطة بالاستهلاك الغذائي، والتأكيد على مخاطر وجبات الطعام السريعة على الصحة الفردية والأسرية والمجتمعية، ولا تستقيم الصحة بدون ممارسة الرياضة اليومية وارتباط كل ذلك بالصحة العامة وبمحاربة الأمراض العصرية التي في غالبيتها يكون لها ارتباط وثيق بالنظام الغذائي والرياضي.
إن توجيه الاهتمام لمناهج التربية البدنية وإعادة تسميتها لتصبح مادة «التربية الصحية والبدنيه»، سيساهم في توعية جيل بأكمله، جيل يواجه تحديات صحية فرضتها عليه «المدنية الحديثة» حيث الاستهلاك المبالغ فيه للأطعمة السريعة غير الصحية مقروناً بنمط حياة خامل، ذلك الاهتمام الممنهج لفئة من المجتمع «الطالبات»، اللواتي سيصبحن في المستقبل مسؤولات عن أسرهن التي تشكل نواة المجتمع، سيساهم بدون شك في تنشئة جيل واع لصحته وللتحديات العصرية، وسيقلل من الهدر الغذائي غير المبرر ومن ارتفاع تكلفة فاتورة الرعاية الصحية للمجتمع وللدولة.