إنَّ من فضل الله على عباده المؤمنين أنه يسَّر لهم مواسم الطاعات والقربات؛ فما إن ينتهي موسم من مواسم الطاعات إلا ويعقبه موسم للتزود بالأعمال الصالحات. وإن من أعظم هذه المواسم حج بيت الله العتيق؛ فهو عبادة تهفو إليها نفوس عباده المؤمنين، ويأتون إلى بيته الحرام من أصقاع المعمورة طالبين مغفرة الملك الكريم -سبحانه وتعالى - سائلين الله التيسير والقبول. وإن من النعم العظيمة التي حباها الله سبحانه وتعالى لهذه البلاد المباركة رعايتها الحرمين الشريفين وخدمة قاصديهما؛ فهي نعمة من أجلّ النعم، قادها الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه -، وتتابع على هذا العمل الجليل أبناؤه البررة ملوك هذه الدولة المباركة حتى هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - أطال الله في عمره أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة في صحة وحسن عمل -. هذه الجهود المباركة تتم بمعاونة الابن البار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله من كل سوء ومكروه - التي ترجمت فيها معاني الصدق والعمل الدؤوب حتى شملت جميع جوانب الحياة، ومن أهمها ما شرعت في الحديث عنه فكانت جهودًا مضنية منقطعة النظير، يُبتغى بها وجه الله والدار الآخرة، جهودًا تُشعرك بالفخر وعزة الدين.
وإن المتأمل في هذا الجهد المبارك ليدرك اليسير من هذا العمل الجبار، ومن ذلك:
* وقوف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان على رعاية الحجاج وتلمس احتياجاتهم استشعارًا منه - أيده الله - بعظم المسؤولية، وتقربًا بهذا العمل إلى الله، واستضافة مستحقي الحج من مختلف دول العالم على نفقته - رعاه الله -.
* مساندة ولي العهد - حفظه الله -، وتنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين، ومتابعة دقائق الأمور، وتذليل الصعاب، والوقوف عن كثب على راحة ضيوف الرحمن، وتيسير عبادتهم بيسر وسهولة.
* الجهد المبذول من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا - حفظه الله - الذي يستحق الإشادة والإعجاب؛ فهو متابع للخطط أولاً بأول تنفيذًا لتوجيهات القيادة الحكيمة المباركة، وإيمانًا بالدور الفاعل لمكانة المملكة الإسلامية التي شرَّفها الله بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما.
* العمل المبارك والمميز والجاد من مهندس الحج صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة مستشار خادم الحرمين الشريفين رئيس لجنة الحج الفرعية - حفظه الله - في المتابعة الدقيقة والجهود اللحظية التي تضمن - بعد توفيق الله - تأدية ضيوف الرحمن مناسكهم في يسر وسهولة، ويساعده في ذلك الشخصية الشابة الطموحة نائب أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن بندر - حفظه الله -؛ فلهم منا الدعاء والشكر.
* كذلك الجهود التي نُفذت لخدمة الحجيج والعناية بهم في مكة المكرمة؛ فقد سهَّلت المملكة للحجاج وصولهم للمدينة المنورة، والصلاة في المسجد النبوي، ويشرف ويتابع ذلك صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة رئيس لجنة الحج في المدينة المنورة - حفظه الله -، بمساعده نائب أمير منطقة المدينة المنورة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن خالد الفيصل - حفظه الله -.
* وينفِّذ هذا العمل أبطالنا من رجال الأمن الساهرين على راحة ضيوف الرحمن. فوالله إن الإنسان ليجد ما يسرُّه من هؤلاء الأبطال؛ فقد تجاوز عملهم تأدية الواجب إلى الخدمة الإنسانية التي أظهرت الوجه الحقيقي للمملكة العربية السعودية حكومة وشعبًا، وأن الحج رسالة سلام. تلك اللقطات والمقاطع التي تناقلتها وسائل الإعلام ما كان لها أن تأخذ رواجًا إلا لأنها عُملت ابتغاء ما عند الله برعاية ضيوف الله.
* التعاون التام والمستمر، والانسجام الكامل بين الجهات الحكومية المشاركة في الحج من صحة وتوعية وخدمة وإرشاد وإعلام وتنظيم وترتيب وجهود لمنظمات خيرية، استحقت الإعجاب والمباركة، وعُملت فوق الإمكانات؛ فكانت مضرب المثل في الرعاية وحسن الاستقبال والخدمة والتوجيه والإرشاد والتوثيق والنقل.. فهي جهود مباركة من حكومتنا، سخَّرت الكثير لعباد الله.
* كل هذه الجهود والمتابعة التي مرت في فترة وجيزة، وفي منطقة محدودة، اتسعت لهذا العدد المهول، هي في الواقع جهود لا تستطيع أن تقوم بها دول مجتمعة، فضلاً عن أن تقوم بها دولة أو دويلة تسعى إلى تشويه المملكة وجهودها المباركة.
اللهم احفظ خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين من كل سوء ومكروه.
اللهم أدم على بلادنا نعمة الأمن والإيمان، ووفِّق القائمين على خدمة حجاج بيتك العظيم، واجزهم خير الجزاء.
اللهم من أرادنا وولاة أمرنا وعلماءنا ورجال أمننا بسوء فأشغله بنفسه، واجعل تدبيره تدميرًا له يا حي يا قيوم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلوات الله وسلامه على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.