«الجزيرة» - كتب - محمد المنيف:
نستعرض اليوم في صفحتنا التشكيلية هذه في جريدة «الجزيرة» المشاركة الحالية للفنانة لولوة الحمود في بينالي لندن للتصميم في دار «سومرست» الأثرية في العاصمة الإنجليزية، باستعراض بعيداً عن صيغة الخبر وقرباً من إبداعها الذي تأتي مشاركتها به (برعاية من مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء» مبادرة أرامكو السعودية» التي تهدف إلى تعزيز الثقافة والإبداع، والتعاون بين الثقافات) هذه المشاركة للفنانة لولوة الحمود تعد مشاركة متميزة تفرض على الجميع الاعتزاز بها وبجهودها في تثبيت وتوثيق إبداعها دون ملل أو كلل لنضعها اليوم في مساحتها التي تستحقها من التقدير ووصفها بالسفيرة المجددة للفن الإسلامي الذي لم يلتفت له الكثير من الفنانين إلا ببعض الاجتزاء أو اللمحات كأحد الروافد للوحات أو المنحوتات وليس منطلقاً أساسياً كما فعلت الفنان لولوة الحمود وبهذا الإصرار دون الالتفات لأي مغريات أو سبل شهرة بتقديم أعمال مكررة وأساليب معتادة تستلهم وتؤخذ من مصادر غربية تمثلها أساليب ومدارس أكل عليها الدهر وشرب وأصبحت مملة أكثر منها ملفتة للنظر لم يتجاوزها الفنانون.
سفيرة الفن
الإسلامي الحديث
إن إطلاق صفة سفيرة ومجددة الفن الإسلامي على الفنانة لولوة الحمود حق مكتسب أجزم أن الكثير ممن شاهد إبداعها يوافقنا التسمية أو الصفة نتيجة ما حققته بهذا التوجه والبحث والتقصي لأبعاد الفنون الإسلامية بأسلوب وتقنيات معاصرة تتوافق مع واقع الفنون على مستوى العالم التي يتنافس فيها الفنانون بالابتكار، حيث تنطلق أعمال الفنانة لولوة من التقاط أدق تفاصيل أنماط الفنون الإسلامية مع إضافة شخصيتها بما تتطلبه المرحلة وتخرج به عن التقليد المباشر أو المشابهة لأصل الزخرفة الإسلامية المعتادة إلى أخذ روح العمل وأصالته وتعيد صياغته الأنماط الهندسية المعقدة التي يمكن رؤيتها في منحوتاتها باستخدام أسلوب فن الخط بتحوير وإعادة تكوين وتدوير بنمط جميل يتمسك بالأبجدية العربية وتأخذ منه ما جعلته قاعدة لخصوصيتها، مستخدمة اللغة كما تقول وسيلةً لتوصيل المشاعر العاطفية الإيجابية للمتلقي ثم للمجتمع.
حضور عالمي جديد للفنانة الحمود
لم يأتِ اختيار الفنانة لولوة الحمود لإبداعها إلا لكونه فناً يعبّر عن إيمانها، كما تشير وتؤكد في إجاباتها الصحفية أو اللقاءات الفنية، فهناك كما تقول فن وقتي يعبّر عن مشاعر وقتية، وآخر أزلي يعبّر عن ديمومة الخالق وعلاقة الروح بخالقها وبالكون عموماً، لتضفي جملة ذات أبعاد أدبية، حينما تقول إن أكثر ما يثير حماسها لأنتج أعمالها هو القراءة والتأمل في الكون وقوانينه العلمية.
الفنانة لولوة الحمود لم تأتِ الفن أو اتخاذ هذا الأسلوب المستلهم من روح الفنون الإسلامية مصادفة أو بتجريب السريع الذوبان بقدر ما أكدت انطلاقتها بحصولها على الماجستير من جامعة سانت مارتن المركزية للفنون تخصص الفن الإسلامي كأول سعودية في هذا المجال، مؤكدين على كلمة (التخصص في الفن الإسلامي)، هذا التخصص وتلك الأعمال منحها التواصل بخصوصية وثبات لحامل رسالتها وهويتها لتصبح اسماً مهماً يقدم لها به الدعوات جعل لها دور في تنسيق العديد من المعارض في دول مختلفة من بينها متحف Duolun في الصين، ومعرض الفن السعودي في SOAS غاليري بروناي، وبيع أعمالها من قبل دور مزادات عالمية منها (دار كريستيز في دبي، ودار سوذبيز للمزدات في لندن) وكذلك (بونهامز في لندن)، وصولاً إلى اقتناء أعمالها من قبل متحف القارات الخمس في ميونخ في ألمانيا، ومتحف LACMA في لوس أنجلوس. ومتحف جيجو في كوريا.
كل ذلك يأتي استكمالاً لعطائها كما نشر في كثير من المواقع من ذلك أقامتها عام 2014م معرضها الأول في دبي في Art Space Gallery ثم أقامت عام 2016 معرض في غاليري نايلا للفنون تحت عنوان (SUBLIMk) كأول معرض شخصي تقيمه في وطنها المملكة العربية السعودية.
وشاركت على مستوى دولي في معارض فنية في لندن ومدن أخرى.
وشاركت مع المتحف البريطاني في مشروع يهدف إلى نشر الثقافة العربية الإسلامية في المدارس البريطانية. وفي عام 2010 شاركت في معرض The art of writing-Bilder werden geschrieben في هامبورغ. وفي 2011: أقامت معرض «ترويض الروح» في العاصمة البريطانية كما شاركت عام 2011 في معرض «سوندرام تاغور» في نيويوك. وفي عام 2013: انفردت بمعرضها «أنتولوجي»، في صالة الرواق، في البحرين. ودعيت لحضور معرض فردي يضم أعمالها في متحف الشارقة للخط. واختيرت أعمالها عام 2009 لمزاد «كريستيز الشرق الأوسط» في دبي. أنشأت عام 2009 مشروع «كيوب آرتس «CUBE Arts» مع ريم الفيصل، ونفذتا مشروعهما الأول ترويج الجناح «سعودي أرابيان بافيليون» في «معرض وورلد اكسبو» في شنغهاي عام 2010، كما نظمتا «المعرض السعودي الشامل الأول» في متحف وطني للمرة الأول في آسيا، حيث صممت شعارات عدة من ضمنها الجناح السعودي، بالإضافة لتصميم 118 جدارية.
مشاركة الفنانة لولوة الحمود في بينالي لندن
واليوم تضيف الفنانة لولوة الحمود لبنة جديدة في بناء مسيرتها الإبداعية بمشاركتها في بينالي لندن للتصميم خلال هذه الفترة والمنتهي في الثالث والعشرين من هذا الشهر بدعم من مركز الملك عبد العزيز (إثراء) الذي يقوم على دعم القدرات، خاصة الوطنية منها، بمعايير في اختيار المتميز من الإنجازات في السعودية في مجال صناعة الثقافة والإبداع، وذلك بهدف تطوير وتقديم منتجات فنية ومعرفية مبتكرة بشكل يحترم التنوع، ويعزِّز المفاهيم المختلفة في العلوم والفنون، والذي قالت الفنانة لولوة الحمود عن مشاركتها في بينالي لندن للتصميم بعمل يحمل عنوان (الكيان والوجود) أنها مسؤولية على عاتقها، وفخر كبير بالنسبة لها لتمثل جزءاً من الإبداع الذي يحتويه وطنها في فعالية عالمية، تمثل إبداعات الدول أكثر من الأفراد، مضيفة أن الفن والفنانين نتاج ثقافات أوطاننا، كما أسدت شكرها لدعم مركز إثراء لتمثيل الفن السعودي، وأن هذه الثقة تزيدها مسؤولية وفخراً وعرفاناً لوطنها المملكة العربية السعودية.
وأضافت متحدثة عن عملها المشارك به في هذا البينالي أن «الخط العربي في قمة هرم الفنون الإسلامية، فقد بدأ وتطور لكتابة النص القرآني المقدس، ولم يدخر الخطاطون وسيلة لجعله أجمل ما يمكن، ويساوي جمال النص، حيث يمكن للغة أن تنشر مشاعر الحب والغضب والحزن والسلام، وهذه القطعة المصممة هي محاولة لجمع الجمهور بطريقة تجريدية.