لو أنَّني جِئْتُ إلى مَنْزِلِكَ وَمعي دَلْوٌ مَليءٌ بِالنّفايَةِ، وَقُمْتُ بإلْقائهِ عَلى أرْضِيَّةِ حُجْرَةِ المَعيشَةِ بِمَنْزِلِكَ، فَسَتَثورُ المُشكلاتُ! وَبِسُرْعَةٍ... سَيَحْدُثُ وَاحدٌ مِنْ ثَلاثَةِ أشْياءَ: فإمَّا أنَّكَ سَتُحاوِلُ إيذائي جَسَدِيًّا، وَإمَّا تَسْتَدْعي الشُّرطَةَ لِتُلْقيَ القَبْضَ عَلَيَّ، أوْ تُحضِرُ مُسَدَّسَكَ وَتَقولُ: «والآنَ يا زيجلار، أراهِنُ أنَّكَ تَسْتَطيعُ تَنْظيفَ النّفايَةِ عَنِ الأرْضِ». وَأنا أيْضًا أراهِنُ أنَّني أسْتَطيعُ، وَفي وَاقِعِ الأمْرِ، فإنَّني عَلى الأرْجَحِ سَأقومُ بِالمُهِمَّةِ بِكَفاءَةٍ كَبيرَةٍ بِحَيْث لَنْ يَتَبَقَّى أثَرٌ لِلْقِمامَةِ عَلى الإطْلاقِ. وَمع ذَلِكَ فإنَّ المُثيرَ في الأمْرِ هُوَ أنَّكَ عَلى الأرْجَحِ سَوْفَ تَظَلُّ تُخبِرُ أصْدقاءكَ وَجيرانَكَ عَنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذي جاءَ إلى مَنْزِلِكَ وَألْقى بِالقِمامَةِ عَلى الأرْضِ، وَسَتَظَلُّ عَلى مَدارِ شُهورٍ عَلى الأرْجَحِ تَقولُ: «كِدْتُ أُطْلِقُ النَّارَ عَلَيْهِ، وَالآنَ أتَمَنَّى لَوْ أنَّني قَدْ فَعَلْتُ!». لَقَدْ كُنْتَ سَتَجْعَلُ مِنْ إلقاءِ القمامَةِ عَلى أرْضِيَّةِ مَنْزِلِكَ قَضِيَّةً كُبْرى.
فَماذا أنْتَ فاعِلٌ لِلأشْخاصِ الَّذينَ يُلْقونَ القمامَةَ في عَقْلِكَ؟ كَيْفَ تَسْتَجيبُ لأولئكَ الأشْخاصِ الَّذينَ يَجيئونَكَ لِيُخْبِروكَ عَنِ الأشْياءِ الَّتي لا تَسْتَطيعُ القِيامَ بِها عِنْدَما يَضَعونَ لَكَ أسقُفَ قُدْراتِكَ؟ كَيْفَ تَسْتَجيبُ للأشْخاصِ الَّذينَ يَقولونَ أشْياءَ غَيْرَ طَيِّبَةٍ عَنْ مُنْتَجِكَ، أوْ شَرْكَتِكَ، أوْ مَدينَتِكَ، أوْ بَلَدِكَ، أوْ أُسْرَتِكَ، أوْ رَئيسِكَ، أوْ مَدْرَسَتِكَ؟ ماذا تَفْعَلُ لِهؤلاءِ الأشْخاصِ الَّذينَ يُلْقونَ بِنِفاياتِهِمُ السَّلْبِيَّةِ في عَقْلِكَ؟ رُبَّما كُنْتَ تَبْتَسِمُ فَحَسْب وَتَقولُ: «هَذا لَنْ يُؤذِيَني حَقًّا، لا يُزْعِجُني أنْ تُلْقي بِالنّفايَةِ في عَقْلي». وَدَعْني أقُلْ لَكَ شَيْئًا يا صَديقي، فَهُنا تَكونُ مُخْطِئًا إلى أقْصى حَدٍّ يُمْكِنُكَ أنْ تَصِلَ إلَيْهِ. فَلَوْ أنَّكَ ألقَيْتَ القمامَةَ داخِلَ عَقْلِكَ، فإنَّها سَوْفَ تَنْعَكِسُ عَلى حَياتكَ الخارِجِيَّةِ. وَالشَّخْصُ الَّذي يُلْقي بِالنِّفايَةِ في عَقْلِكَ يؤذيكَ إلى حَدٍّ أكْبَرَ بِكَثيرٍ مِنَ الشَّخْصِ الَّذي يُلْقي بِالنّفايَةِ عَلى أرْضِيَّةِ مَنْزِلِكَ؛ لأنَّ كُلِّ حِمْلٍ مِنَ النِّفايَةِ العَقْلِيَّةِ يُؤثِّرُ بِشَكْلٍ سَلْبِيٍّ سَيِّئٍ عَلى إمْكانِيَّاتِكَ وَيخفِضُ تَوَقُّعاتِكَ وَآمالَكَ بِشِدَّةٍ.
إنَّ كُلَّ فِكْرَةٍ تَدْخُلُ عَقْلَكَ لَها تَأثيرٌ، إلى حَدٍّ ما. فَعلى سَبيلِ المِثالِ، لَمْ تُثْمِر الأبْحاثُ المُكَثَّفَةُ الَّتي تَمَّ إجْراؤها عَلى الإصابَةِ بِالبَرْدِ عَنْ أيَّةِ بَياناتٍ صَحيحَةٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْها فيما يَتَعَلَّقُ بِسَبَبِ الإصابَةِ بِالمَرَضِ أوْ فيما يَتَعَلَّقُ بِعِلاجِهِ. وَمع ذَلِكَ، فَلَقَدْ أثْبَتَت الأبْحاثُ بِما لا يَدَعُ مَجالًا لِلشَّكِّ أنَّه يَكونُ مِنَ المُرَجَّحِ بِشِدَّةٍ أنْ تَلْتَقِطَ عَدْوى البَرْدِ عِنْدَما تَكونُ في حالَةٍ عاطفِيَّةٍ سَيِّئةٍ أوْ عِنْدَما تَشْعُرُ بِالاكْتئابِ. إنَّ «الفِكْرَ الفاسِدَ» يُسَبِّبُ المُشْكِلاتِ حَقًّا، ألَيْسَ كَذَلِكَ؟
** **
- (زيج زيجلار)