ترافع المحامي والحق مع الخصم
* إذا كنت أعمل في مكتب محاماة فاستلمتُ قضيةً ومع الترافع والخوض في تفاصيل الأحداث غلب على ظني أن الحق ليس مع موكِّلي وإنما مع الطرف الآخر، فهل لي أن أواصل الترافع أم يجب عليَّ أن أتوقف؟
- نصيحة لإخواننا المحامين أنهم إذا رأوا الحق مع غير موكِّلهم أي: مع خصمه، أن ينصحوا موكِّلَهم بأن يترك القضية ويُخبر صاحب الحق أن الحق له ويدفعه إليه، وإن رأوا الحق مع صاحبهم أن يخلصوا النية وأن يكون قصدهم استخراج الحق من جاحده، فيكونوا عونًا لصاحب الحق على خصمه. وفي هذه الصورة: بعد أن استلم القضية وحصل الترافع غلب على ظنه أن الحق ليس مع موكِّله، فحينئذٍ يلزمه أن يُخبر موكِّله بأن الحق مع الطرف الآخر، ولا يواصل الترافع، بل يجب عليه التوقف، فإن واصل الترافع وكسب القضية بلحنه بحجته فهو آثم وداخل في حديث علامات المنافق التي منها: «وإذا خاصم فجر» [البخاري: 34]، فعليه أن يتقي اللهَ -جل وعلا-، وإن فعل ذلك ارتكب محرمًا، وإن أخذ عليه أجرة تضاعف التحريم في حقه؛ لأن الأجرة على المحرَّم حرام، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا-، ولو كانت الأجرة كبيرة والمبلغ مغريًا فإن هذا لن يغنيه ولن يخلصه من عذاب الله -جل وعلا-، والدنيا كلها لا تعدل عند الله جناح بعوضة، فكيف يُعرِّض نفسه لسخط الله ويسعى في أكل مال مسلم بالباطل؟! فعليه أن يتقي الله -جل وعلا- وينظر في القضية بإنصاف وعدل، وإن كان الحق لموكِّله وسعى في استخراجه بنية صالحة فهو مأجور، وإن كان من غير نية واكتسب الأجرة من ورائه فهي مباحة له كسائر ما يُستأجر عليه.
* * *
قسمة الشخص أمواله حال حياته
* هل يجوز للشخص الذي لديه قدر كبير من المال أن يَقسم تركته على ورثته في حال حياته؛ دفعًا للنزاع والشقاق في المستقبل إذا مات؟ وهل تكون القسمة بالتساوي أم باعتبار نصيبهم من الميراث؟
- لا مانع أن يَقسم الإنسان ماله في حال حياته على قسمة الميراث: للذكر مثل حظ الأنثيين، وللزوجة نصيبها، وللأب نصيبه، ولكل واحد من الورثة نصيبه، لا مانع من ذلك، إلا أنه ليس من الحكمة أن يقسم جميعَ أمواله ويبقى بدون أموال؛ لأنه قد يحتاج فيما بعد وقد يتنكَّر له بعض الأولاد، كما حصل من بعض الناس، المقصود أنه يَترك له ما يعينه على قضاء حوائجه في دنياه بحيث لا يحتاج إلى غيره، وإن وهبهم أو أعطاهم ما يستفيدون منه وينتفعون به وبقيتْ باقي أمواله لديه فالأمر متروك إليه، لكن لا مانع أن يقسم ماله أو بعض ماله على ورثته بحسب قسمة الله -جل وعلا- للميراث: للذكر مثل حظ الأنثيين.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء