د. خيرية السقاف
كل عمل يقدم عليه المرء دون رغبة, ولا معرفة بطبيعته, ولا إلمام بمهامه, ولا إطلاع على إجراءاته, ولا تقنين لصلاحياته, ولا إحاطة بجهات الارتباط به, يتخبط فيه, ثم يكون بيئة غير جاذبة, ولا مريحة للعطاء, والتفاعل, والإنجاز, وتحقيق الأهداف..
إذ حين يتحقق له كل ذلك من أول يوم تخطو فيه داخل مؤسسة هذا العمل قدماه, ويصافح فيه وجوه مسؤوليه, ورفقاء العمل يستقر الاطمئنان إليه, وتخفق فيه رغبة البذل, وحماس العطاء..
بيئة العمل الناجحة الفعالة هي التي تستقطبه بدءًا من الرئيس, والزملاء, والمكان, والمهام, ووسائل التنفيذ, الرئيس الواعي المتواضع, والزملاء المتعاونين في تكاتف منتج, فإن كانوا متحمسين ففي تنافس ينجز دون المساس بحقه, أو بدوره, لا تضييقا, ولا سلبا, ولا تثبيطا, والمكان المستوفي كل ما يهيئ له أداء عمله بسلاسة ويسر, في ضوء واجبات العمل المؤطَّرة حدودها في صلاحيات واضحة لا انتهاك فيها لطاقته, ولا إجحاف فيها بالتضيق عليه بزيادتها, أو بتقليصها, ولا تقصير في واجب التوجيه له بداية, واحتواء خبراته بالسماح لها أن تنمو, وتتفاعل, وتعطي, وانتهاء بالثقة فيه, والأخذ بمبادراته, ومده بكل ما من شأنه رفع كفاءته, والإتاحة لقدراته, والأخذ بنجاحاته نحو الزيادة, أو بإخفاقاته نحو التصويب..
البيئة الناجحة شعارها العمل للإنجاز, والنهج هو التقدير للعناصر التي تعمل كي تعمل في رضا, واطمئنان..
هذه البيئة لا يزال يعتريها في مؤسسات المجتمع المختلفة الكثير من النقص, ذلك لأن الإدارة فيها لا تزال تسند لذوي, وذوات خبرات متواضعة, أو حتى من الخالين منها..
لذا فإن كثيرا من القادمين, والقادمات للعمل حين يخطون للمرة الأولى داخل أروقة مؤسسات أعمالهم يصابون بالخيبة, حين يجدون «بالونات» أحلام طموحاتهم العريضة, التي حملوها برغبة, وطموح, وحماس لهناك وقد تشظَّتْ بين أيدي من يثقبها في بيئة العمل بدءً بالرئيس, فالزملاء, فالمكان, فالواجبات, فالغموض الذي يلفهم داخل معقوف سؤال عريض, ويطوِّح بهم: إلى أين أحلامنا العريضة التي جئنا بها تطايرت؟!..
هذا يحدث في بيئة العمل التي لا يُحْسَن فيها اختيار من يتولى المسؤولية بدقة, وفق خصائص, وسمات, وصفات, ومؤهلات يجترُّونها في الألسنة, ولا يطبِّقونها في الواقع العملي..
وما أكثرهم, وأكثرهن في بيئات العمل !!..