أمل بنت فهد
إكرام الضيف لا يعني إهمال أهل البيت، والاستضافة ليست بالتضييق على السكان، فالضيافة لها أصول وآداب، وليست إيثاراً محضاً، بل عطاء في حدود الإمكان، وإلا تحول الكرم إلى عبث وعبء، وتدمير لأركان البيت وأهله.
وحين نسأل عن ابن البلد، وبنت البلد في التعليم، والصحة، وكل مكان في الوطن، فإنه حق لا ينازعنا عليه أحد، ولا يعني أننا نقلل من احترامنا لضيوفنا الكرام، فنحن أهل الكرم والأرقام تشهد، والتاريخ يشهد، ولدينا من المبادئ والمشاعر تجاه البشر ما يكفي لنشر السلام في الكون كله.
أبناء وبنات الوطن هم رأس المال، فكيف يكون العمل عليه ضرباً من التحيز، بل هو الذكاء والفطنة والحكمة، وهو حق لكل دولة في العالم أن تبدأ بأهلها، قبل ضيوفها، دون أن يتحسس أحد من ذلك، فرأس المال قبل الفائدة دوماً، وليس العكس.
لا شك أن الكفاءة أفضلية، بغض النظر عن الجنسية، لكن لهذا المبدأ تكملة سكتنا عنها، أو نسيناها، أفضلية الكفاءة ضرورة، وهي لغرض توطين الكفاءة، وليس استبدالها بكفاءة خارجية للأبد، وهكذا تُصنع الأجيال في الأوطان.
لنتخيل أن الكفاءات هاجرت لمكان واحد في العالم، يملك الإمكانات، ماذا عن بقية العالم، سيكون احتكاراً مرعباً للقدرة والتقدم والتطور لمكان واحد، بينما بقية العالم سيكون دون المستوى، وسيعيش تخلفاً موجعاً.
لذا من تمام التوازن في العالم، أن تُصدر الخبرات والكفاءات للجميع، لغرض التدريب وتوليد كفاءات وطنية، وهكذا يستفيد العالم كله من نعمة العلماء والباحثين والمخترعين والمطورين والأطباء والمهندسين، بينما وجودهم في مكان واحد لوقت طويل، هو احتكار للأمكنة، لا يعد بخير للعالم أجمع.
الدول كالبيوت تماماً، لها حدود، ولها موارد، ولها أهل وضيوف، فلماذا يصر البعض على تجاهل تلك الحقائق؟ ويظن أن الحدود وهمية!
خلاصة القول: نعم نريد أن نرى السعودي والسعودية في كل مجال، من قمة الهرم إلى قاعدته، ولنا أن نسأل عن أسباب غيابهم في أي مجال دون أن يتحسس أحد، لأننا نسأل عن الكفاءة الوطنية، لماذا لم يتم صناعتها هنا أو هناك! وكيف نصنعها؟ إنه حق لا شأن له أبداً في العنصرية المقيتة، ولا يمكن أن يكون تقليلاً من وطنية أحد حين نسأله عن رأس مالنا أين هم!
نؤمن بأبناء الوطن وبناته، ونعلم أنه سيكون لهم شأن في وطنهم، وسيعم نفعهم العالم بأسره، وسننافح لفتح الطريق لهم، رضي من رضي، وغضب من غضب، فَهِم من فَهِم، وتجاهل من تجاهل.
كل عام وأنت بخير يا وطني، قريباً نحتفل بيومك الأعظم.