رقية سليمان الهويريني
حين تم تحديد يوم 10-10- 1439هـ برفع الحظر عن سواقة المرأة للسيارة انتشرت طرف ونكت سخيفة وتحذيرات شديدة من تدافع النساء بالشوارع وانطلاقهن بلا هدف سوى إثبات تواجدهن وإظهار تمردهن، عدا عن الإرجاف بأنهن سيتسببن بحوادث قاتلة في الطرقات، عدا عن الجزم بتعرضهن لتحرشات الذئاب البشرية.
وحل اليوم المحدد ومر بهدوء، وتتالت بعده الأيام وخرجت المرأة تقود سيارتها بسلام وتقضي احتياجاتها بسكون، لدرجة أن الكثير بدأ يسأل: أين المرأة السائقة التي صدعت رؤوسنا بمطالباتها التي لم تتوقف، وإلحاحها الذي لا يفتر؟!
ونسي الناس أو تجاهلوا أن المرأة هي بالواقع كانت تقود سيارتها بفكرها ومالها منذ زمن بعيد ولو لم تستلم المقود الذي هو بيد سائق يأتمر بأمرها ويقف بحسب توجيهاتها، ولم يتغير شيء مطلقا. وببساطة، فالمرأة المنقبة أو المحجبة أو السافرة تقدمت للمقعد الأول فقط دون أن ترفع بيرقا يميزها عن غيرها، ولم تشتر سيارة ذات لون وردي أو فسفوري، وقد اندمجت مع المجتمع وانضمت مع السائقين في الطريق ملتزمة بالنظام المروري دون إحداث فوضى، لذا لا يمكن أن تفرق قيادتها عن أخيها الذكر، ولا تكاد تعرف جنس قائد السيارة إلا بعد تجاوزها.
وهكذا مرت (أيام السواقة) على سيدات المجتمع بتقبل اجتماعي سلس، بل مثالي لدرجة أن الرجل السائق يفسح لها الطريق برفق، وقد يقف حائلا دون رعونة البعض حتى تعبر بسلام! وبهذا برزت شهامة ومروءة الرجل السعودي بالذات، وكان المرجفون يخوفوننا منه. فلم نر ذئابا بل أخوة بنخوة، ورجالا برجولة ولمسنا التعامل المهذب بين السائقين والسائقات، والانسجام الجميل بين السيارات في الطرقات.
ولعلي أراهن على وعي الرجل السعودي، وأجزم بذلك بعد تجربتين كانتا في غاية الصعوبة وهو تعامله الراقي مع المرأة البائعة في المحلات التجارية، وتقبله قائدة السيارة في الشوارع.
ورهاني عليه يجعلني أكثر طمأنينة، وأقل تخوفا من بروز حالة من الصدام الاجتماعي التي كان يتوقعها المرتابون، وهي لم تكن سوى أمنيات بزرع الإحباط وغرس التشكيك في مجتمع هو للانسجام أقرب وللإتلاف أعمق!
شكرا للمواطن الذي أظهر الطريق أصالة معدنه.