د. خيرية السقاف
«سارعي للعلياء» ترددونها كل صباح في «طابور» المدرسة, وحين يكون الفرحُ, وحين
يكون الحضور ليس للذات المفردة وحدها, يكون للذات الجمعية, لثرى الوطن,,
«سارعي للعلياء» حين ترفرف رايته الخفاقة في صدوركم فتمتلئ بهواء ليس كالهواء,
فتشمخ ثقةً تشدُّ كلَّ سُلامَةً في جسدكم الواحد, ينهض الوطن فيها!!..
وطنكم يا صغاري بيتكم الصغير بشعبه القليل, وشارعكم الأوسع بمن فيه يسعى, وحدوده الأشسع من خط الماء والتراب, لمدى الفضاء في السماء, كل أحيائه, وقراه, وهِجره, ومدنه الكبيرة, والصغيرة..
وطنكم ملاذكم الآمن هو كلُّ صحرائه, وجباله, ووديانه, وسواحله, وهضباته, ورباه, وفيضاته, وروضاته, وبيوته, وخيامه, وغدرانه, وعيونه, وآباره, وعرائش أشجاره, ومخابئ كهوفه, وطرقاته, ومحطاته..
بمدى خضرته وواسع يباسه, بمائه وثماره, بتلك النخلات الباسقات, والبيوت الناهضات, والمنعطفات الآمنات..
بكل باب فيه يفضي إليه, بكل نافذة تطل على هوائه, وتشهق نقاءه..
بالوجوه الحنطية, والسَّعْـفاء البهية, بصوت مكنوناته الهادئ, وجزيئات نسيمه الدافئ,
بالجأش الحليم في السلم, الكاسر في الحرب..
بالرخاء والصبر, بالعطاء والإيثار,
بالمآذن تطرق جدار نومكم في اليوم خمسا, وباليقين يستقر فيكم طمأنينة صوتا وهمسا..
«سارعي للعلياء» راية من نسيج قلوبكم, ومظلة في دروبكم..
وطنكم, المدرسة والطموحات, والكتاب والاستشرافات, والعمل والإنجازات, والتنافس والغايات..
وطنكم النداء في ألسنتكم,: «ديني وقادتي, أمي, وأبي, معلمي وأخي, جاري وكل من يدب على ثراه», أسرتكم الصغيرة, والكبيرة هو الوطن, وهو كل خفقة فرح, وكل فزعة نداء, وكل غاية سلام, وكل رغبة سعي..
وهو الشعور في وجدانكم, والعطاء بإخلاصكم,..
يا صغاري, وأنتم تحتفون بيوم الوطن, اعلموا أن هذا هو الوطن فليكن صدقُكم له صدقَكم مع النفس في الجهر, والهمس..
ولتكونوا سنده, وعتاده, مظهره ومخبره, صوته وصمته, عطاءه ومنعته, سيفه ورمحه, صاروخه ومنصَّته, وجذره وثمرته, جداره وبابه, حسَّه ونبضه..
لا تغفل عيونكم قبل أن يكون الدعاء له, والاطمئنان عليه كما النفس فيكم لا ثاني له..