يوسف المحيميد
أتذكر في التسعينيات كان الصحفيون يتصلون بالمبدعين من كتّاب القصة والرواية والشعراء، يسألونهم عن مشاعرهم في يوم الوطن، فيكتبون طموحاتهم وأحلامهم وقصائدهم، وتنشر في بعض الصحف بشكل هامشي؛ لأن الوطنية آنذاك تعتبر مسبة وشتيمة من قِبل تيارات متطرفة، كانت تحكم قبضتها على المجتمع، وعلى التعليم العام، حتى أن مادة الوطنية لم يكن مرحبًا بها، وتحية علم الوطن تتجاهلها بعض المدارس. باختصار، كان الحديث عن الوطن يثير سخط تلك الفئات التي غضبت ذات زمن على صحيفة باسم (الوطن)، ولقبتها بـ(الوثن)!
لكن الزمن لا يتوقف، الحياة تسير أمامًا، والوطن الشجاع لا يتراجع أبدًا، بل ينمو ويكبر ويزدهر، يورق ويزهر، ويصبح أقوى وأجمل، حتى يصبح الاحتفال بيومه، يوم الوطن، يومًا رسميًّا للدولة، مثل باقي دول العالم، وأصبح هذا اليوم يمثل شغفًا لدى الجميع، رجالاً ونساء، كبارًا وأطفالا، مواطنين ومقيمين، بل حتى الدول الجارة والصديقة تحتفل بوطننا في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام، في تظاهرة تشعرنا بأننا موضع اهتمام وحب هذه الدول، وأصبح كل عام له نكهة مختلفة، من حيث التنظيم والفعاليات والأنشطة في المدن والمحافظات كافة.
هذا الوطن الكبير، الوطن العظيم، استطاع في فترة وجيزة أن يصبح صاحب كلمة وموقف في المحافل الإقليمية والدولية.. هذا الوطن الذي أصبح محط أنظار العالم على المستويات كافة، سياسيًّا واقتصاديًّا ودينيًّا، يستحق أن يتصدر الصحف العالمية كل صباح، ولو لم يكن كذلك لما انتبه له أحد.. هذا الوطن الذي يضم الحرمين، ويخدم مسلمي العالم طوال العام.. هذا الوطن الذي أصبح إحدى دول العشرين الأقوى اقتصادًا في العالم.. هذا الوطن الذي يبادر ويزرع السلام، ويعقد الصلح بين الدول المتخاصمة في أنحاء العالم كافة.. هذا الوطن الذي يزهو بفتياته وشبابه الذين قطعوا شوطًا طويلاً في المجالات العلمية والعملية والإبداعية، ألا يستحق يومًا يحتفل به؟ ويحتفل العالم معه؟ بلى، يستحق وأكثر، يستحق أن تكون كل أيامه ولياليه أيامًا وطنية.
كل عام وأنتم والوطن بخير ونماء.