أ.د. خالد بن عبدالرحمن الحمودي
تأتي الذكرى الثامنة والثمانون لتوحيد هذه البلاد المباركة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -يرحمه الله- كذكرى غالية على نفوس الجميع لأنها تذكرنا بالتحول الكبير الذي جعل من المتباعدين كيانا متماسكا يعيش تحت راية واحدة منذ عام 1351هـ، العام الذي تحولت فيه الفرقة إلى وحدة، والضعف إلى قوة، والتشتت إلى تصالح، في نموذج عربي إسلامي حديث أصبحت له قوة تأثيرية في خارطة العالم الحديث.
ومما يزيد هذه المناسبة السنوية توهجا أن أبناء الملك المؤسس الذين حملوا الراية من بعده -سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله (يرحمهم الله)- استمروا في تعزيز النهج الذي يقوم على التعاضد والتكامل بين القيادة والشعب مما أفضى إلى تحقيق قفزات تطويرية وتنموية كبيرة يجني الجميع ثمارها في الداخل والخارج.
وها هي ذكرى التوحيد الـ(88) تطل علينا يوم الأحد 13-1-1440هـ في ظل عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- الذي هو امتداد لتلك المسيرة المباركة التي تحافظ على المكتسبات، وتتطلع للمستقبل.
يعاونه في ذلك ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في نهج تكاملي أسس لانبثاق رؤية 2030 وبرامج التحول الوطني 2020 وهما من مؤشرات العمل التطويري الضخم الذي يستشرف الرقي بالإنسان واستثمار المكان بمبادرات نوعية توظف الإمكانات كافة للوصول بهذا البلد المبارك إلى الازدهار والتقدم.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها هذه الدولة المباركة للتخطيط للمستقبل؛ فإنها تقوم بجهد مواز في سبيل بناء مجتمع تتوفر فيه عناصر التنمية الحديثة كافة من تعليم وصحة وصناعة وتجارة وتنمية اجتماعية ورياضة وزراعة.. ولعل مما يأتي في هذا السياق ما صدر -مؤخرا- من موافقة سامية كريمة على اعتماد برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة، الذي بلغت اعتماداته المالية (سبعة مليارات وثلاثمئة وخمسين مليون ريال) على مدى سبع سنوات، إضافة إلى مبلغ (مليار وخمسمئة مليون ريال) كتكلفة رأسمالية للمشروع، ومبلغ (مئتين وخمسين مليون ريال) سنوياً لتطوير قطاع النخيل والتمور، وهذا مثال واحد لمنظومة دعم ومساندة اقتصاد الوطن والاهتمام بالمواطن.
كما تقوم الدولة بجهود كبيرة في سبيل تهيئة الراحة للحجاج والمعتمرين انطلاقاً من وعيها بأن أرضها تضم قبلة المسلمين ما يجعلها سباقة في خدمة الحرمين الشريفين ورعايتهما وفق أحدث الأنظمة ساعدها في ذلك خبرة تراكمية جعلت إدارتها للحج من أنجح النماذج العالمية في إدارة الحشود.
كما تحرص على الصعيد الخارجي على إرساء الأمن العالمي ومقاومة كل المشاريع التي تحاول زعزعة الاستقرار في المنطقة والعالم. وما هذا اليوم إلا مناسبة رائعة لتذكر تلك الجهود وشكر القائمين عليها.
أسأل الله جل وعلا أن يديم على هذه البلاد المباركة الأمن والأمان والازدهار والتقدم، وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وأن يكلل جهودهم بالنجاح ويوفقهم لكل خير ويحفظهم من كل سوء، وأن يجعل هذه المناسبة مناسبة خير وبركة على الجميع. إنه سميع مجيب.