عبد الاله بن سعود السعدون
شكل لقاء زعيمي إثيوبيا وإريتريا في جدة بضيافة زعيم السلام خادم الحرمين الشريفين مليكنا المفدى سلمان بن عبدالعزيز في قصر السلام، تلك اللحظات التي تم بها توقيع اتفاقية السلام بين الجارتين إثيوبيا وإريتريا جاءت بعد جهد متواصل ومسيرة دبلوماسية سعودية صامتة وهادئة بصدق نواياها السامية لتحقيق التواصل بين البلدين الجارين وإعادة أواصر اللقاء والقربى بين الشعبين الشقيقين إثر انفصالهما بحرب قاسية شردت الكثير من العوائل المشتركة ولأكثر من عامين والآن تسجل طرق عودة التآخي والصداقة بحروف توقيعي الرئيس الإريتري أسياس أفورقي وأخيه رئيس وزراء الإثيوبي أبي أحمد علي برعاية ملكية سامية من لدن راعي السلام الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -نصرهما الله- بحضور دولي ممثلاً بالأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش وشهادة خليجية بمشاركة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة وبتنظيم وإدارة الدبلوماسية السعودية ممثلة بمعالي وزير الخارجية الأستاذ عادل الجبير وطاقم متقدم من الدبلوماسيين والمراسم السعوديين. وكانت لحظات تاريخية بدد كل مظاهر الخلاف والصراع بين البلدين الصديقين والذي دام لأكثر من عقدين من الزمن.
وجاءت ردود الفعل المرحبة عربياً مستبشرة بمستقبل أفضل في محيط العلاقات الثنائية بين الشعبين الجارين الإثيوبي والإريتري فقد أصدرت الخارجية الإماراتية بياناً ترحيبياً باتفاق جدة والذي يكرس الأمن والسلام في منطقة القرن الأفريقي ونقلت وكالة الأنباء البحرينية بياناً رسمياً صادراً من الديوان الملكي جاء فيه (أن اتفاق جدة للسلام من شأنه قيام علاقات إيجابية وبناء تعاون مشترك وتعزيز الأمن والاستقرار بين البلدين الجارين وفي المنطقة بشكل عام).
وأعرب سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح عن تهنئته للزعيمين الأفريقيين الإريتري أفورقي والإثيوبي أبي أحمد علي بالتوقيع على اتفاقية السلام بين بلديهما والذي من المؤكد تحقيقه للأمن والسلام في منطقة القرن الأفريقي المهمة لأمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر..
وفي المحيط العربي الأفريقي أعربت الجزائر ومصر العربية وعدد كبير من دول القارة الأفريقية بترحيبها بالاتفاق التاريخي ومثل العالم الإسلامي الدكتور يوسف العثيمين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي قائلاً إن اتفاق جدة للسلام يشكل مرحلة تعاون واتفاق لصالح دول المنطقة ودعا إثيوبيا وإريتريا إلى بدء صفحة جديدة من الوفاق والتعاون والذي سيتجاوز أثره الإيجابي حدودهما إلى دول المنطقة بأسرها...
وجاء الترحيب الأممي على لسان الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش واصفاً أتفاق جدة للسلام بأنه حدث تاريخي ونافذة أمل للسلام الذي سيفتح المجال لمزيد من التعاون في مجال التجارة الدولية في قارة أفريقيا.
واجتمعت ردود الفعل العربية والأفريقية والدولية بالتقدير والامتنان للجهد المبارك الذي بذله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان والدبلوماسية السعودية والتي بذلت جهودا صادقة مشكورة للوصول للحظات توقيع عقد السلام الأفريقي في قصر السلام بجدة.
إن مياه البحر الأحمر شهدت أحداثاً لا يمكن نسيانها والممثلة للصراع المسلح وغير الشرعي لتعارضه للقانون الدولي لحرية الملاحة في البحار والمحيطات وكانت القرصنة الصومالية النموذج الحي لهذا الصراع الدولي في مجال التجارة العالمية ونوعاً إجرامياً غير مشروع هدد أمن المياه الإقليمية لكل دول القرن الأفريقي مما حفز دول المنطقة أن تتحالف مع الجهد الأممي للقضاء على مظاهر القرصنة الصومالية وإنهاء وجودها على المياه الدولية في البحر الأحمر.
وبنفس الدور الإرهابي تؤديه عصابات الحوثي للعبث في أمن المياه الدولية في البحر الأحمر وتهديدها الدائم للملاحة في منفذ باب المندب مما يعرض الملاحة التجارية الدولية للخطر كل ذلك يتم بدعم وتحريض النظام الإيراني والذي يمد أصابعه العدوانية للتخريب الإرهابي في مجال الملاحة الدولية الحرة وتعريض المضائق الدولية لخرق إغلاقها بمنحه الصواريخ والقطع البحرية لعملائه المنشقين عن الشرعية مليشيات الحوثي.. ومن تداعيات اتفاق جدة للسلام قطع الطريق عن كل تحريض ودعم إيراني عدواني لمنطقة القرن الأفريقي بتحالف الدول الثلاث المؤثرة في حرية الملاحة في مياه القرن الأفريقي إثيوبيا وإريتريا وجيبوتي، وبذلك اكتمل عقد القوة الرادعة لكل عدوان إيرانحوثي في مياه البحر الأحمر.
وللدبلوماسية السعودية العليا الدور الرئيسي في تحقيق هذا الاتفاق التاريخي والذي يصل لدرجة النصر الفعلي ضد مخططات نظام الملالي العدوانية والتي تهدف دوماً بسياستها الطائفية للتمدد الجغرافي في منطقة القرن الأفريقي ووضع قدمها الإرهابي قريباً من المنفذ الدولي باب المندب لتهديد الملاحة الدولية باستخدام أداتها الإرهابية مليشيات الحوثي والتي اقترفت جرائم عدوانية باستخدام صواريخ إيرانية ضد السفن التجارية مما هدد حركة وحرية الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -نصره الله- وساعده الأمين سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -أيده الله- تقدمت الدبلوماسية السعودية في تبنِّيها كل القضايا العربية والإسلامية بدورها النشط في المجال الإقليمي والدولي، معتمدة على احترام الحقوق العادلة للأمة ونصرة حق الشعوب العربية في الحياة الحرة الكريمة.