سلمان بن محمد العُمري
من المقاصد الشرعية الإسلام حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل، والغاية العظمى والعليا لهذه المقاصد تحقيق حقوق الإنسان وكرامته، ومن فضل الله عز وجل علينا في هذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية أن بلادنا ولله الحمد تحكم بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-، وتنتهج منهج السلف الصالح الذي لم يحد عن مقاصد الشريعة وهي نبذ التطرف والغلو، وتؤمن إيماناً كاملاً بأن الإسلام دين توحيد وهداية ورحمة وسلام، وهو دين الفطرة المنسجم مع النفس الإنسانية الذي يعظم جوانب الخير في الإنسان ويسعى لبناء شخصية إنسانية متوازنة.
ولا يمكن أن تتحقق مقاصد الشريعة في مكان وزمان منفلت لا ضوابط فيه ولا تماسك ولا قوة، وإذا رأينا من حولنا من البلدان التي كانت آمنة مطمئنة، وكيف أصبح الإنسان لا يأمن على دينه وعرضه ونفسه وحاله أدركنا قيمة وحدة المجتمع، فهي مطلب مهم لتحقيق الأمان ولا إيمان بلا أمان ولا رخاء ولا اطمئنان.
ووحدة المجتمع مسؤولية كبيرة لا تقع على لي الأمر ومن يعاونه وعلى العلماء والمربين والإعلاميين ومن أوكل لهم المسؤوليات فهي مسؤولية جماعية لكل فرد من أفراد المجتمع على حد سواء، وكل فرد فيها مناط فيه ما يخصه وما يقع تحت مسؤوليته من أهل، وأن يعمل الجميع على حسب بناء وحدة المجتمع وتعزيزها ونشر الألفة والمحبة، ودعم أواصر الأخوة والتراحم والتسابق على التكافل والتعاون وتعزيز ذلك قولاً وعملاً.
لقد حثنا ديننا الحنيف في آيات بينات وأحاديث كثيرة، ومن الشواهد قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». وشواهد كثيرة من تحريم الإضرار بالناس وبالمجتمع مع الدعوة للتعاون والتكافل والإيثار وسد حاجة المحتاج وتفريج الكرب والسعي في قضاء حوائج الناس، والنهي عن التنازع والاختلاف والتشتت، والضرب بيد من حديد على من يريد تفريق الجماعة.
ومن نعم الله عزوجل أننا وكما ننعم بنعمة الإسلام ننعم ولله الحمد بوحدة وطنية متلاحمة متماسكة منذ أن وحد أمر هذه البلاد المغفور له الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - بعد أن كانت البلاد شذر مذر فتوحدت البلاد وأمن الناس ولله الحمد، ولا زلنا بفضل الله عزوجل ثم هذه الوحدة الوطنية وتوحيد المملكة العربية السعودية ننعم بهذا.
واليوم ونحن على موعد بالاحتفاء باليوم الوطني يجب أن نحافظ على وحدتنا الوطنية ونعززها في نفوس أبنائنا والأجيال، ولا سيما في هذا الوقت الذي أصبحت فيه مواقع التواصل الاجتماعية مؤثرة في الأفكار ومشوشة وتثير الشبهات، وتسعى إلى التفرقة، ونشر الكراهية، وبث الإشاعات وتضييق نطاق الخير بين الناس، والسعي للهدم والتفرق، والخلاف بين أفراد المجتمع. وبكل تأكيد فإن بلادنا مستهدفة من الأعداء الذين يغيظهم وحدتنا وتماسك مجتمعنا، وقوة علاقة القيادة الرشيدة الراشدة بأبناء البلاد. أدام الله على بلادنا النعم، ودفع عنها النقم، وكفانا الله شر الأشرار وكيد الفجار.