د. أحمد الفراج
أعاد ترشيح الرئيس ترمب للقاضي، بريت كافاناف، للمحكمة العليا ذكريات مضى عليها حوالي ثلاثة عقود، عندما رشح الرئيس جورج بوش الأب القاضي الأسود، كليرانس توماس لذات المحكمة، بديلا لأول قاضٍ أسود في المحكمة العليا الأمريكية، القاضي الشهير ثرقود مارشال، الذي رشحه الرئيس ليندون جانسون للمحكمة العليا، في عام 1967، كجائزة للمواطنين السود، بعد صدور قانون المساواة في الحقوق بين كل أطياف الشعب الأمريكي، بغض النظر عن اللون أو العرق أو الدين، وهو القانون، الذي يعتبر أهم إنجازات جانسون، وإذا كان المحامي الشهير، ثرقود مارشال، ملء السمع والبصر، حيث كان محاميًا بارعًا، كسب معظم القضايا التي تولاها، خصوصًا أمام المحكمة العليا، فإن خليفته، الذي رشحه الرئيس بوش الأب لم يكن كذلك، ويتفق المعلقون على أن ترشيح بوش لتوماس كان بسبب لون بشرته، وأيدولوجيته المحافظة وحسب.
عندما بدأ استجواب اللجنة القانونية في مجلس الشيوخ للقاضي كليرانس توماس، ادعت فتاة سمراء أنه تحرش بها، وبالتالي تحول الاستجواب إلى حفلة مشوقة، لا زلت أذكر كل تفاصيلها، إذ تم استدعاء الفتاة، التي تسمى أنيتا هيل، وتم استجوابها، وتحدثت بتفاصيل مخجلة، عن التحرش الذي تعرضت له، وكان رئيس اللجنة القانونية حينها، هو السيناتور جوزيف بايدن، الذي أصبح لاحقًا نائبًا للرئيس أوباما، وحصل خلال ذلك الاستجواب مواقف صعبة، بين بكاء المرشح تارة، الذي قال إن هذه حرب مدبرة ضده، وبكاء مدعية التحرش، تحت ضغط الاستجواب الشرس، من قبل أباطرة مجلس الشيوخ حينها، ولكن في النهاية، صوتت اللجنة لصالح المرشح، ثم وافق مجلس الشيوخ على التعيين، وما زال توماس عضوًا في المحكمة العليا، إذ إن عضوية المحكمة تستمر مدى الحياة!
هذه الأيام يتكرر السيناريو، إذ ادعت سيدة، اسمها كريستين فورد، أن مرشح ترمب للمحكمة العليا تحرش بها، قبل 36 عاما، عندما كان عمرها 15 عامًا، ثم تحول الأمر لحرب شعواء بين الجمهوريين والديمقراطيين في اللجنة القانونية لمجلس الشيوخ، وبعد أن تم التصويت على السماح للسيدة فورد بالإدلاء بشهادتها، ادعت سيدتان أخريتان أن المرشح تحرش بهما أيضًا، وأنهما مستعدتان للشهادة، ولكن اللجنة، التي يسيطر عليها الجمهوريون، رفضت استدعائهما، ثم ادعت سيدتان أخريتان أن المرشح تحرش بهما أيضًا، ولكن رفضتا الإفصاح عن هويتهما، وأثناء استجواب السيدة كريستين فورد، اتفق معظم المتابعين على أنها صادقة، ثم أدلى المرشح بإفادته، وقد بدا غاضبًا، وبكى عدة مرات، وعندما حان وقت التصويت، صوتت اللجنة لصالحه، ثم حدثت المفاجأة الصاعقة، التي قد تغير مجرى الأحداث، وسنتحدث عنها في المقال القادم!