محمد آل الشيخ
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أن إسرائيل رصدت ثلاثة مواقع في الأوزاعي بجوار مطار بيروت تجهزها ميليشيا حزب الله لتصنيع الصواريخ دقيقة التصويب، والمنطقة مأهولة بالسكان المدنيين، ما يعني عملياً أنها تريد أن تجعل من المدنيين دروعاً بشرية، فإذا هاجمتها إسرائيل اتهمتها بقتل الأبرياء المدنيين، وإن تركتها فإنها ستكون منبعاً خطيراً يهدِّد الأمن الإسرائيلي. طبعاً إسرائيل -كما هي سياساتها دائماً- تعتبر أمنها خطاً أحمر لا تسمح لكائن من كان بتجاوزه، مهما كانت التبعات؛ بمعنى أن تصريح رئيس الوزراء هذا بمثابة تهديد ضمني ليس لحزب الله فحسب، وإنما لكل اللبنانيين. حزب الله -طبعاً- لن يكترث، فهو حركة مؤدلجة، لا يهمها الإنسان بقدر ما تهمها الإيديولوجيا، وهو يحتفل بالشهداء، ويُضخّم من شأن الموت في سبيل حركته العقدية العميلة للفرس الصفويين، فهو - كما يعرف الجميع - عميل لملالي الفرس، واستفزاز إسرائيل لضرب لبنان، وإنتاج مزيد من (الشهداء) القتلى سيخدم إيران في صراعها مع الولايات المتحدة وحلفائها، إذ سيكرس الرأي العام العربي ضد إسرائيل ويجعله مصطفاً مع الإيرانيين، وبالتالي ضد أمريكا، التي من المقرر أن تفرض على إيران عقوبات اقتصادية ليس لها مثيل في التاريخ المعاصر. ومن خلال ما لدينا من مؤشرات على الأرض فإن لبنان، وبالذات كوادر حزب الله الإرهابية الطائفية لن يقفوا مكتوفي الأيدي وهم يرون مصدر تمويلهم يجف، في طريقه للتوقف التام، الأمر الذي يجعل من المتوقّع أن لبنان ستكون ساحة حرب جديدة كخط دفاع أول عن إيران، ولا يهم حزب الله ما سوف يترتب على لبنان من خسائر جسيمة، بل وغير مسبوقة، سيما وأن لبنان يئن من دين يصل إلى ما يقارب تسعين مليار دولار. كما أن رئيس لبنان نفسه هو أحد كبار الموظفين لدى حزب الله، وبالتالي موظف لدى إيران. ولبنان دولة توافق طوائف متصارعة تارة ومتحالفة تارة أخرى، ولم تكن دولة وطنية في تاريخها بأي شكل من الأشكال، وكل طائفة تبحث عن مصلحتها ومصلحة أفرادها أولاً، وتأتي مصلحة لبنان كدولة في قاع أولويات طوائفها؛ لذلك لن يجرؤ أحد الفرقاء اللبنانيين بالاعتراض على تصنيع تلك الصواريخ في منطقة آهلة بالمدنيين، إذ إن حي الأوزاعي منطقة شيعية تابعة لحزب الله، يدين قاطنوها بالولاء لذلك الحزب العميل، وهذا في أعراف السياسة في لبنان مبرر كافٍ يجعل حزب الله يتصرف في هذا الحي كما يتصرف الملَّك في أملاكهم.
إسرائيل لن تترك المواقع الثلاثة تعمل على تهديد أمنها، وأتوقّع أن يكون هناك ضربة إسرائيلية ساحقة ماحقة لهذا الحي الشيعي، إلا إن ثابت كوادر حزب الله إلى رشدها، وتوقفت عن بناء هذه المواقع. ولا أرجح ذلك، لأن القرار ليس في أيدي كوادر الحزب من اللبنانيين، وإنما في يد قاسم سليماني وأركان ميليشياته الإرهابية، والإيرانيون لا يكترثون لا بلبنان ولا بالعراق ولا بسوريا ولا باليمن، فكل تلك الدول وشعوبها هم لدى الملالي الصفويين مجرد خطوط دفاع عن جمهورية الملالي المتأسلمة، ومن خلال عملائها، هم مجرد بيادق يحركها الإيرانيون في صراعهم الوجودي مع أمريكا، لذلك فمن المتوقّع أن تحول إيران تلك الدول إلى حقول ألغام في وجه الولايات المتحدة الأمريكية، بمجرد أن يبدأ تطبيق الحصار الاقتصادي الأمريكي المنتظر ضد إيران. وفي تقديري أن عام 2019 سيكون عاماً حافلاً بالأحداث، التي إما ستلغي حكم الملالي في إيران، أو تعود مضطرة خانعة خاضعة مرغمة إلى طاولة المفاوضات من جديد ليملي عليهم الأمريكيون شروطهم..
إلى اللقاء