إبراهيم عبدالله العمار
شركة غوغل تستخدم شيئا اسمه split testing، هل تعرف ما هو؟
المقصود كما يقول نيكولاس كار أن غوغل تجري تغييرات مستمرة في مظهر وعمل صفحاتها، وتُري هذه النتائج لمجموعات مختلفة من المستخدمين وتقارن كيف هذه التغييرات الصغيرة تؤثر على تصرفات المستخدمين، مثل كم الوقت الذي تقضيه في الصفحة، الطريقة التي تحرك بها المؤشر على الشاشة، ماذا تضغط ولا تضغط، أين يذهبون بعد ذلك. إضافة لهذه فهي تستخدم اختبارات على المتطوعين فيها تَتبُّع لحركة العين، ودراسات نفسية أخرى في مختبر خاص. يقول باحثون: بما أن قراءة المخ غير ممكنة فإن مراقبة حركة العين ثاني أفضل شيء، وهذا ما تفعله غوغل، وهو امتداد للذي فعله فردريك تيلور في أوائل القرن الماضي، والذي كتب كتاباً عام 1911م باسم «مبدأ الإدارة العلمية»، وطريقته أنه ذهب لمصنع وذلك بهدف زيادة كفاءة مشغلي الآلات بموافقة مالك المصنع، فكان يدرس كل خطوة يفعلها العاملون في صنع الأدوات المعدنية ويراقب كل حركة يفعلونها ويحسب وقتها ويقسم كل منها إلى سلسلة من الخطوات الصغيرة ثم يجرب عدة طرق مختلفة لإتمامها، وبناء على هذا وضع تعليمات دقيقة (نسميها اليوم algorithm) لأكفأ طريقة يعمل بها كل عامل. نحن الآن في عام 2018م لكن هذا بالضبط ما تفعله غوغل الآن! صحيح أنها قدمت بعض الفوائد الصغيرة مثل تسريع البحث عن المعلومات وإحضارها بشكل سريع، لكن غوغل أيضاً تشجع المرور السريع والسطحي على المعلومات وتثبط أي نوع من التعمق وإطالة التفاعل مع أي فكرة، عكس تلك القدرة الرائعة التي كان مخك يملكها، قدرة قراءة الكتب بتركيز مطوّل. تقول شركة غوغل: هدفنا أن نجعل المستخدم يدخل ويخرج بسرعة فائقة، كل قرارات تصميماتنا قائمة على هذا.
إن أرباح غوغل مرتبطة مباشرة بسرعة استقبال واستهلاك الناس للمعلومات، كلما زادت سرعتنا في تصفح الانترنت -كلما زادت الروابط التي نضغطها والصفحات التي نتصفحها- زادت فرص غوغل أن تجمع معلومات عنا وأن تغذينا دعايات. كلما زاد عقلك تشتيتاً وصار أكثر سطحية، تفرح غوغل، ومخك الذي تضعف قدراته بالتدريج...يَحزن.