أمل بنت فهد
بقدر ما يكون التخلص من هيمنة رأي الآخرين عليك ضرورة تحميك من البحث عن رضا غيرك على حساب نفسك، وتجعلك تتفرغ لذاتك، فإن ذلك لا يكتمل إلا بخطوة أخرى قد تغفل عنها، وتغيب بسبب الاستسلام لمؤثرات خارجية، فالإنسان يمارس غالباً الانتقاد تلقائياً، ليس لأن ما ينتقده صحيح أو خطأ، كل ما في الأمر أنه مختلف عما اعتاد عليه، وعوضاً عن تفحصه وتأمله، يكون النقد أقرب.
وإذا تأملت غالب السلوكيات التي تخضع لانتقاد مجتمع ما، ستجد أنه يستنكره لأنه غريب أو جديد عليه.
فإذا استطعت أن تكبح جماح المنتقد في أعماقك، وتخلصت منه، فإنك فعلاً تدخل عالم السلام، والمتعة الأعمق.
لأن الإنسان الذي تسيطر عليه فكرة إعجاب الآخرين، سيضطر إلى الظهور كما يريدون، وسيفعل أمور ليست من صميم رغبته، لذا لن يكون على طبيعته، ولن يكون كما هو، بل سيكون غريباً عن نفسه، ومتشابه مع محيطه، وهو تيه دون شك، وحياة بائسة.
وحين ينشغل بانتقاد الآخرين، واستعداء الجديد، والشك في المختلف، فإنه لا يزال مشغولاً عن نفسه، ولا يزال مقيداً بالروتين، والمألوف، والعادة، وكلها شراك تأخذ من عمره الكثير على نفس الحال، ومع نفس الأشخاص، رتابة يتبعها تبلد.
لذا فإنك حين تقرر أن تكون حراً، عليك نفسك، فالإنسان السعيد، والذي يضج نشوة وانطلاقاً، هو الذي يستطيع أن يسعد الآخر، ويندمج معه وينساب، دون عقد أو عوائق، ويصل معه لأفق لا يحصره سقف، لأنه منفتح على الجديد، دون أحكام مسبقة، أو عوالق من آراء غيره، بل هو يمنح نفسه، ويمنح الآخر فرصة حرة ومتحررة.
أنت لا تتخيل كم أن الآراء التي تكبر معك، دون أن تصنعها بنفسك، يمكنها أن تجعل حياتك نسخة طبق الأصل لقصة عتيقة، ستعيش دوراً مكرراً، لأنك لم تختر، بل وجدت نفسك هكذا، ومشيت في طريق وجدته، ولا تدري إلى أين يصل بك؟
ستكرر نفس الاختيار، نفس الكلمات، نفس المعايير، دون أن تبحث في طيات رغباتك عن رغبة متوارية خلف الأفكار المعلبة.
فمن الطبيعي أن تصل للمرحلة التي تفقد فيها طعم الأشياء.
جرب أن تنفض رغباتك التي أغلقت عليها ذاكرتك، أو افعل جديداً رفضته دون مبرر، ستعرف حينها ماذا فاتك.