فهد بن جليد
أستغرب من الأب الذي يريد طفلاً جاهزاً، يرفع رأس والده في المحافل والتجمعات العائلية وفي الأماكن العامة، دون أن يكلف نفسه بتربيته أو تعوديه مُنذ الصغر على الآداب التي يتمنى أن يراه يتحلى بها، الخطأ هنا أن يعتمد الأب على الأم في كل شيء ويحملها مسؤولية مُضاعفة، إذا لم تقم أنت بهذا الدور فمن تنتظر أن يقوم به؟ المدرسة؟ التلفزيون؟ الشارع؟ بعض الآباء نسوا أو تناسوا أنَّ تربية الطفل إلى سن مُحدَّدة هي مسؤوليتهما المُشتركة قبل اللحاق بالمدرسة، المؤسف أنَّنا نمر بحالة جمود ولا مسؤولية نتيجة تخلي الوالدين أو أحدهما في الكثير من الحالات عن دورهما الحقيقي في التربية، وكأنَّهما ينسحبان لصالح شركاء جدد في التنشئة كوسائل التواصل الاجتماعي والأقران ومُحدِّدات العصر الحديثة إن جاز لنا التعبير.
إشباع حاجات الطفل المادية وتحقيق رغباته وتوفير وتهيأة متطلبات الحياة العصرية والحديثة له، ليست هي كل شيء في التربية، المفهوم هنا أشمل وأعم، الطفل في السنوات الأولى من عمره يحتاج إلى ملاذ آمن يلجأ له وينهل منه، وهذا الدور لا يمكن أن يقوم به أحد بالشكل الطبيعي غير الأب والأم، تغير الظروف الحالية وصعوبات الحياة جعلتنا أمام نماذج من التربية المُتناقضة، فأنت بين أب لا يجد الوقت الكافي لتربية أطفاله، نتيجة انشغاله بالبحث عن تأمين لقمة العيش لهم، مع تضاءل دور الأم وانشغالها هي الأخرى، وبين صورة مُغايرة لأب وأم شوَّها تربية أطفالهما أيضاً بالاهتمام والدلال (الزائد) الذي خلق نوعًا من الاتكالية لدى الأبناء في كل مناحي الحياة، وهو ما قد يمتد إلى مرحلة الشباب وما بعد الوظيفة والزواج، وهذا النوع والأسلوب من التربية لا يمكن أن يبني أو يخرج شخصية صحيحة إطلاقاً.
هناك نماذج لآباء وأمهات نجحوا مُجتمعين أو مُنفصلين في تربية أطفالهم بالشكل الصحيح والنموذجي، ولكن نظرات بعض الآباء العاجزة والحائرة، نتيجة سلوك أطفالهم المُزعج، والفوضى التي يخلقونها في أي مكان يتواجدون فيه كصالات الانتظار في المستشفيات، وفي المطار، وداخل الطائرة.. إلخ، دون أن يكون للأب والأم حول ولا قوة، هو ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع ولسان الحال يقول (يداك أوكتا وفوك نفخ)!.
وعلى دروب الخير نلتقي.