د.مساعد بن عبدالله النوح
يوجد إجماع عام على أن المعلم من الجنسين هو صانع فكر، ومشكًل شخصية، ومعًود على الخير. فإذا أردت تعرف سبب محبة الطالب للمدرسة أو الكلية، والمحفًز إلى قراءة المواد الدراسية المقررة والحرة، والدافع إلى المشاركة في أنشطتها، والمشجًع إلى نمو ثقافته، والمرغًب في الانتظام في ساعات اليوم الدراسي، فعلم أن معلماً يقف خلف هذه الاتجاهات. فهو الذي يمتلك القدرة على إحداث التأثيرات الإيجابية على معارف ومهارات واتجاهات وقيم طلابه، وبالتالي يجعل منهم أجيالاً نافعة لأنفسهم ولأسرهم ومجتمعهم وأمتهم.
ويمكن القول بأن المعلم شريك الأسرة في وجود أجيال صالحة للحياة؛ نظراً لأنه مساند لها في التربية، ومعاون لها في التعليم، ومستشاراً أميناً حتى بعد التخرج، ونيل المؤهل، والدرجة العلمية، والوظيفة، وعليه فليس من الصدفة ولا من الترف أن يكون المعلم محل تكريم وموضوع ناقشات التربويين في اللقاءات المتخصصة، ومنها اليوم العالمي للمعلم. والمعلم مثل غيره، لها حاجات متعددة، يعين إشباعها على تحليه بسمات المعلم الكفء داخل المدرسة وخارجها، وأجزم بأنها معلومة لدى الجهات التربوية مثل وزارة التعليم و كليات التربية وقيادات المدارس والإشراف التربوي ومؤسسات التربية الأخرى في المجتمع. منها المعنوي ومنها المادي، ولكونه مربي الأجيال في مختلف تخصصات العلم وميادين العمل، فإنه يستحق الكثير من الاهتمام، فعلى قدره يأتي العطاء بدون انتظار الشكر والجزاء.
واليوم العالمي للمعلم الذي يصادف 4 من أكتوبر كل عام، هو اعتراف أممي بتميز وظيفته عن الوظائف الإنسانية الأخرى، وباختلاف سماته عن سمات العاملين الآخرين في قطاعات المجتمع المختلفة.
لقد تعددت الكتابات عن عوامل نجاح المعلم في مدرسته ومجتمعه، وبعد رصدها أمكن توزيعها في مجموعات ،وهي: حقوق المعلم، وتجهيزات المدرسة، ومعلم المستقبل:
أولاً: حقوق المعلم، كثيرة هي حقوق المعلم، وتتوزع إلى:
الحقوق الإنسانية فالمعلم إنسان في المقام الأول بحاجة إلى احترامه بدءا من إدارته، ومروراً بالأسر، وحمايته من الأذى مهما كان نوعه ومستواه، وسن عقوبات رادعة، مثل: عقوبة سجن وتعزير في حالة سبه، أو تهديده، أو ضرب، أو إتلاف ممتلكاته من أي مصدر.
الحقوق المهنية كمنحه فرص متكافئة لتحقيق النمو العلمي والمهني لمعلم المستقبل؛ ليعد طالباً يمتلك مهارات القرن الواحد والعشرين، وهذا النمو لا يكون من خلال إتاحة مواصلة دراساته العليا، فحسب بل من خلال التحاقه بدورات تدريبية نوعية تعادل في الزمن مدة الحصول على درجة علمية داخل السعودية أو خارجها، وبعدها يٌمنح الترقية أو العلاوة المناسبتين، وأن يُسمح له بالمشاركة في المؤتمرات والفعاليات التي تعنى بالتعليم وتساعده على تنمية مهاراته وتسهم في تبادل الخبرات بينه وبين أقرانه من المعلمين والتربويين، وتكريم القريب من قلوب وعقول طلابه كل عام من مدرسته ومكتب التعليم ليس بمنحه شهادة تقدير أو درع، وإنما بتكليفه بحضور لقاءات القيادات التربوية في مكاتب التربية والتعليم وفي إدارات التعليم، بل وفي تمثيل المدرسة في لقاءات دورية مع وزير التعليم أو يكون ممثلاً لمكتب التربية في لقاءات دورية مع أمير المنطقة الإدارية.
الحقوق الاجتماعية، فالمعلم إنسان اجتماعي مثل غيره، بحاجة إلى تقدير وإبراز دوره داخل المجتمع بشكل أكثر فاعلية، وهذا يساعده على تحسين مكانته الاجتماعية لدى عامة الناس، والرد الممنهج عن سمعته، والحد من صناعة الطرف والنكات عليه، واستضافة الإعلام له في مناسبات تعليمية ووطنية، وأن تكون له خصوصية في التعامل في الدوائر والمؤسسات الحكومية والخاصة، وأن تكون له بطاقة خاصة تقدم له الخصومات على السلع ومراجعة المراكز الصحية.
ثانياً: تجهيزات التدريس الفعال، لا تجهل المعلم، ولكنه يحتاج إلى من يوفرها له ، إذ ليس من المقبول أن تٌطالب مدرسته أو الإشراف التربوي، بإيجاد البدائل في حالة نقص المعامل والمواد والوسائل لتجاربه، أو توفيره لأشكال التقنية في فصوله وقاعاته الدراسية.
ثالثا: معلم المستقتل، فتطوير إمكانات المعلم هو حجر الزاوية في تطوير النظام التعليمي؛ لأن معلم اليوم يختلف عن معلم الأمس، حيث إنه يتعامل مع طلاب اليوم الذين يمتلكون مختلف مهارات الوسائل التقنية ويستطيعون الوصول إلى المعلومات بيسر؛ بسبب تطوّر العصر الحديث، والمعلم اليوم يجب أن يعيش قوة التحدي مع نفسه ومع طلابه، وبكيفية نقل المعلومة من دون أن يشعره بالملل.
إنني أوجه طلاب الدراسات العليا في كليات التربية لتبني موضوعات لمشاريعهم البحثية عن حقوق المعلم؛ بهدف التوصل إلى قائمة مقننة عن حقوقه، لتكون أمام صانع القرارات التربوية سواء أكان معلماً مبتدئا، أو معلماً قديماً، أو معلماً متقاعداً.
جزى الله كل معلم عظيم الأجر، وبسط له في عمره وصحته.