رمضان جريدي العنزي
ما زال سحق الأرواح والأبدان ساري المفعول، وما زالت السرعة الجنونية حاضرة في شوارعنا وبائنة، رغم وجود (ساهر)، وما زال البعض من السائقين المتهورين الذين يفتقرون لأبسط قواعد الذوق العام وأحترام أنظمة المرور يمارسون هواياتهم في التهور والتجاوز والسرعة الجنونية، غير مكترثين ولا مبالين بأرواحهم وأرواح الآخرين، ضاربين بالتنظيمات والتعليمات والنظم المرورية عرض الحائط، يمارسون الفوضى، يهوون المشاغبة، وينتشون فرحاً وطرباً عندما يخالفون قواعد السير، وأنظمة المرور، كنا نطالب المرور بتخفيف العقوبات وقيمة مبالغ المخالفات المرورية لأنها تنستنزف الميزانيات والجيوب والحد من أجهزة ساهر، لكننا وبلا أدنى شك ومن خلال المشاهدات اليومية للحوادث المميتة، والسرعات الجنونية العالية، وعدم المبالاة في القيادة، مع زيادة أجهزة ساهر في كل شارع، لأنها رغم قساوة قيمها المالية، إلا أنها تحمينا بعد الله عز وجل من كل سائق طائش متهور غير مبالي، يبحث عن الموت، ويسعى إليه، بعيداً عن العقل والحكمة والمنطق والقوانين والتعليمات، أن أغلب السائقين الذين يمارسون السرعة الجنونية لا يوجد لديهم عمل أو حاجة ملحة تجعلهم يتجاوزون معدل السرعات المقررة أثناء القيادة، وليس لديهم سبب قهري يجعلهم يرتكبون حماقة التهور والسرعة الجنونية، إلا لمجرد إرضاء الغرور الذاتي، وإشباع غريزة الجنون، وممارسة هواية الاستعراض المقيت، لقد كثف المرور البرامج التوعوية، وعرض الحالات التي راحت ضحايا الحوادث، وشدد في تطبيق القوانين، وفرض عقوبات صارمة، ونشر أجهزة ساهر، إلا أنه وبالرغم من ذلك مازال بعض السائقين يمارس الرعونة والاستهتار والسباق الماراثوني في الطرقات، بعيدا عن الذوق العام والانضباط وفن القيادة والأخلاق، إننا نشعر بالحزن والحسرة والأسى لكل ضحية قضت نحبها وراحت بسبب متهور أرعن، تدمع المآقي، وتضيق الصدور، وترتجف القلوب، بسبب هذه الحوادث الشنيعة التي يجب أن لا تكون، ما يحدث أمام أعيننا يوميا من حوادث سير مفجعة حصدت آلاف الضحايا من وفيات وجرحى وإصابات معيقة وخسائر بالملايين لا يمكن الصمت عليها والسكوت عنها، أن التراخي والتعود على هذه التراجيديا الروائية البائسة عن حوادث السير نتيجة السرعة الجنونية وعدم التقيد بأنظمة المرور مستفزاً لكل عاقل، إن النمل يسير على الأرض بهندسة يعجز الإنسان عن فهمها دون تصادم أو تشابك، ولكن البشر يقتلون بعضم عندما لا يلتزمون بفن القيادة أدبها نظامها وقانونها، وكأنهم يقودون طائرات مقاتلة، أن السرعة الجنونية في شوارعنا وبكل أسف لم تعد حكراً على السيارات الصغيرة التي يقودها غالبية الشباب، بل تعدت إلى الشاحنات والقلابات وحافلات الركاب وناقلات الطلاب، فالكل في سباق محموم، من هنا نطالب بالتدخل القوي من إدارة المرور لفرض قيود مشددة على منح رخص القيادة، ومراقبة مراكز تدريب السائقين، وإيقاع أقسى العقوبات على السائق المستهتر، وحجز المركبة، وليس الإكتفاء فقط بإيقاع الغرامات المالية، فالإنسان محكوم برادعين طبيعيين، إما الأدب واستخدام العقل، أو الخوف وتحاشي الذنب، فأن تعطل الأول فلا بد من العقوبة التي تؤدب الإنسان وتردعه عن ارتكاب الذنب والمخالفة، لكي ينتهي قتال الشوارع اليومي، ويتوقف نزف الدم، وتغلق مجالس العزاء.