د.خالد بن صالح المنيف
قديما قال ابن المقفع لآمال أفضل من العقل!
فما أروع أن يوصف الإنسان بأنه عاقل!
والعرب كانت تفضل العدو العاقل على الصديق الأحمق!
عدوك ذو العقل خير لك
من الصديق الوامق الأحمق
وهناك بعض العقول أقل ما يمكن أن توصف به أنها عقول (فخمة)!
صاحب العقل(الفخم) سديد الرأي نافذ البصيرة عظيم المكانة عالي المرتبة جليل الفضائل جميل الشمائل يسترق القلوب ويمتلك الأرواح!
إذا أكمل الرحمن عقله
فقد كملت أخلاقه ومآربه
والعقل (الفخم) ليس مرتبطا بعمر أو نسب أو مؤهل ؛ فقد رأينا من بلغ من الكبر عتيا وهو يتصرف تصرف السفهاء الحمقى وتجد أحيانا حائزا على أعلى المؤهلات ضعيف الإدراك مظلم البصيرة ليس له من تصرفات العقلاء شيئا!
ومن البشر من اختار السفه وهو سليم العقل وذلك بسلوكيات تخفض القدر وتهبط بالروح!
العاقل يملك إرادة لعقله على تصرفاته، وإنّما سمّي العقل عقلاً لأنّه يعقل صاحبه عمّا يشينه، ويكبح جماح النفس عن ركوب متاهات الهوى!
تأملت في بعض العقول فرأيت أن أقل ما يمكن أن توصف به أنها عقول (فخمة)! وصاحب العقل (الفخم) سديد الرأي نافذ البصيرة عظيم المكانة عالي المرتبة جليل الفضائل جميل الشمائل يسترق القلوب ويمتلك الأرواح!
والعقل (الفخم) ليس مرتبطا بعمر أو نسب أو مؤهل ؛ فقد رأينا من بلغ من الكبر عتيا وهو يتصرف تصرف السفهاء الحمقى وتجد أحيانا حائزا على أعلى المؤهلات ضعيف الإدراك مظلم البصيرة ليس له من تصرفات العقلاء شيئا!
ومن البشر من اختار السفه وهو سليم العقل وذلك بسلوكيات تخفض القدر وتهبط بالروح!
العاقل يملك إرادة لعقله على تصرفاته، وإنّما سمّي العقل عقلاً لأنّه يعقل صاحبه عمّا يشينه، ويكبح جماح النفس عن ركوب متاهات الهوى!
وصفات العقل (الفخم) كثيرة رصدت لك جملة منها وهي طباع لا يعجز التطبع بها, وأنا وأنت لدينا القدرة على الأخذ بصفات هذا العقل (الفخم) وقد نقدر على بعضها وقد نعجز؛ فدونك ما قدرت عليه منها من تلك الصفات مرتقيا سلم السمو فمن أبرز سمات صاحب العقل (الفخم) أنه لايتدخل فيما لا يعنيه ولا يحشر أنفه في الدقيق والجليل، ولا يتكلم من غير نفع, ولا يعطي في غير موضع العطاء ولايتحدث إلا في موطن الحديث ولايكمل حديثا بدأه غيره! وصاحب العقل (الفخم) لا يغضب من غير غضب، يضبط مشاعره، ويسيطر على انفعالاته؛ مهما كانت قوة الضغوطات وشراسة المؤثرات! ومن أروع سمات صاحب العقل (الفخم) أنه شخص محب للحياة مشرق الوجه, مبتسم متذوق للجمال مصّدر للفرح ناثر للورد، يدير حياته باحترافية فهو ينتقي الجلساء ويحيط نفسه بالإيجابيين ويحرر نفسه من السلبيّين ومن أيِّ مصدر للإزعاج، أدرك أن أيامه محدودة، وعمره أثمن من أنْ يضيعه على ما لاينفعه!ومن سلوكيات صاحب العقل (الفخم) أنه ينصت للناصحين المحبين ؛مدركا أن نفي الكمال لاينفي الجمال؛ فلايسترسل في الجهل ولا يتوه في شعاب الخطأ فصدره يتسع للنصيحة ولا يرى فيها انتقاصا من قدره ولا عدوانا على كرامته بل يتعامل معها كوسيلة ارتقاء وتقدم وتحسن لذا تراه يتبع نصح الناصح بأخصر عبارة ويعرف الحق واتبعه بأدنى إشارة، وما أروع صاحب العقل(الفخم) فهو دافئ اللسان ريان الضمير يبذل النصيحة برفق وفي وقتها ولا يمن بها بعد أن يبدو صوابها ولايلوم عليها إن احجم عنها المنصوح وبان لاحقا صدقها! وصاحب العقل (الفخم) يحب نفسه حبا حقيقيا, لاحب أنانية وأثرة، بل يحبها حبا يدفعه لمراعاة مشاعر البشر وحفظ حقوقهم، حبا يدفعه لأداء واجباته، حبا يحفزه لدفع الظلم وطلب الحق, ومن أهم صفات صاحب العقل (الفخم) أنه يحسب لمآلات الأمور ولعواقب الأفعال لا تحكمه لحظة حاضرة، ولايستبد به انفعال ملتهب ولا تقوده شهوة مستعرة يستشرف العواقب، ويفكّر في المستقبل، يختار الأناة والتريث؛ فلا تراه مستعجلا مندفعا ولا متهورا أهوجا؛ فالكلمة عنده موزونة والخطوة محسبة والقرار مدروس، لايعمل عملا حتى يتدبر عواقبه فإن كان خيرا بادر وإن كان شرا أحجم ؛ فرب إحجام خير من إقدام لكمال! وصاحب العقل (الفخم) لا يكفر الصنائع ولا يجحد المعروف ولاينكر الجميل ولايبطر النعمة، شاكرا حامدا لربه وللبشر!
وصاحب العقل (الفخم) لا يسرح في الأعراض ولا ينتهك الحرمات ولا يتتبع الهفوات ولا يرصد العثرات ولا يتتبع السقطات!
وصاحب العقل (الفخم) يعذر البشر ويحسن الظن، وقيل قديما قيل: أعقل الناس أعذرهم للناس، لايتهم ولا يندفع في حكم يغفر الزلة ويقيل العثرة ويحسن الإغضاء, يتغابى مع إمكانية السطوة ويتسامح مع القدرة على البطش!
وترى صاحب العقل (الفخم) يفرح لنجاح البشر ويتهلل لكل خير ينزل بساحة بشر ويتألم في نبل لأي أسى إنساني فهو سليم القلب سمحا صفوحا محبا للخير يدرك أن ليس وراء الشر فلاح ولا راحة بال ولن يُحصد منه إلا الوجع والضيق وقلة، وصاحب العقل (الفخم) يجعل من الناس رصيدا له ويتعهد علاقاته كما يتعهد البستاني المتقن زهور حديقته يسقي العلاقات بالكلمة الحلوة والبسمة الحانية والنظرة الودودة والمجاملة الصادقة والمشاركة النبيلة يكسب الناس بمدارتهم والتحبب لهم والتلطف معهم متواضع النفس خافض الجناح يأخذ الأمور بالملاينة حليم الطبع رحب البال لا يستفزه أحمق ولا يستخفه غضب! كما أن صاحب العقل (الفخم) لا يقاتل نيابة عن غيره ولايرضى أن يستعمل لأي معركة ولا يجعل من نفسه بوقًا يردِّد كلَّ ما يسمع، بل يزينْ كل ما يرى وما يسمع بميزان الشرع، وعلى ضوء ذلك يأخُذ، أو يدَع! وصاحب العقل (الفخم) لا يتعرض للآخرين ولا يستفزهم ولايتجاوز الحدود معهم متقنا لفن المسافات، لا يتدخل في شؤونهم فلا يؤذي أحدا ويدرك أنه ليس مسؤولا عن البشر وليس خليفة عليهم! وصاحب العقل (الفخم) لا يعيش بعقلية أنا فقط ومن بعدي الطوفان فهو يعتني بشعور الآخرين ويحترم رأيهم ويقدر اهتماماتهم لا يشخصن الأحداث ولايرى كل صيحة عليه،ولا يقضي صاحب العقل (الفخم) ما تبقَّى من عمره حزينًا على فقد حبيب, أو بسبب خسارة مالية فهو يدرك أن الحياة لا تتوقف على شيء فهو ينزل ما كسب وما نال من الدنيا منزلة مالم ينل, وترى صاحب العقل (الفخم) يتعامل برقي مع نفسه عند الخطأ فلا جلد للذات ولا تحطيم للنفس ولا تعطيل للحياة يستغفر لذنبه وينتهي ويواصل مسيرته وصاحب العقل (الفخم) لايتعامل مع البشر على أنهم ملائكة فلا يصدر أحكاما قاطعة ولا يبت في أحكامه على الآخرين من مجرد تصرف أو حدث! بل تجده يضع العين على محاسن البشر ويمنحها جهده من التقدير والذكر وصاحب العقل (الفخم) مستقل فكريا فلا يعير عقله لأحد ولايسمح لأحد أن يفكر عنه ولايسمح له بأن يرسم له خريطة طريقه وصاحب العقل (الفخم) لايتحدث لمن لايصغي له ولا يجد لحديثه مغنما أو لمن يخاف من تكذيبه ولا يسأل شخصا يرجح منعه ولايعتذر إلا لمن يجد له الأعذار ولا تدفعه نشوة لوعود قد لا ينجزها وصاحب العقل (الفخم) يحفظ السر ويكتم أخبار من حوله, نبيلا يجعل لأسرار البشر حرمة وقداسة تنأيان به عن كل تفريط في حفظه وكتمانه صاحب العقل (الفخم) ليستعدي أحدا ولو كان أضعف منه قوة، ولا يجاهر بالعداوة مهما ضاقت نفسه بإنسان فهو يدرك أن الأيام تدور والأحوال تتبدل ويعلم أن المودة والعداوة لا تثبتان على حالة واحدة أبدا!
وصاحب العقل (الفخم) يبذل الخير ويصنع المعروف ولو جحد الناس وأنكروا فإنه يدرك أن المعروف لو ضاع عند الناس لا يضيع عند الله، ولاسيما إلى ذوي الشكر والوفاء كيف كانت منزلتهم، فلعله احتاج إليهم يوما من الدهر فيكافئوه عليه».
وصاحب العقل (الفخم) كريم نفس متغافل عن الزلات وسقطات اللسان إذا لم يترتب على ذلك مفاسد ولايضيع مكتسباته بغيبة أو نميمة أو افتراء أو خصومة.
كما أن صاحب العقل (الفخم) لايكشف أسراره ولا ينشر غسيله ولايعلن عن كل مشاريعه ولا يفتح نوافذ بيته للقاصي والداني وصاحب العقل (الفخم) لايسخر من أحد ولايستخف بكائن من كان صاحب العقل (الفخم) جلدا صبورا مستعينا ملتجئا بالله لايكشف همه حتى لايفرح كارهوه ولا يكدر صفو محبيه
ولا يشمت صاحب العقل (الفخم) بزلات الآخرين ولايفرح بانكشاف عيوبهم مابالك على أن يباشر هو هذه المهمة بأحد، ولا يفرح بمصائب الآخرين، بل يفرح بالنجاح والخير سواء تمَّ على يده أو على يد أحد من إخوانه، وتراه يأسى للإخفاق سواء صدر منه أو من أحد إخوانه.
أخيرًا فصاحب العقل (الفخم) يتعامل مع الدنيا على أنها جسر لدار المستقر ولا يبذل فيها إلا ما طاب غرسه وحلا طعمه وأينع ثمره والمرء تلك بعض صفات العقول الفخمة فهلا شمرت وسعيت نحوها!