د.ثريا العريض
في ضوء المستجدات عالمياً وفي الجوار الخليجي والإقليمي, مطمئن أن نرى المملكة تحتضن بجد مساعي توطيد علاقات التعايش واستعادة أجواء السلام والتعاون لنحقق الاستقرار والأمن في الجوار العربي الإفريقي ككل.
هناك متطلبات متعددة لاستدامة الأمن والاستقرار. عسكرياً يتطلب الأمن الاستعداد المسبق للدفاع عن الحدود. وقد بدأ ذلك فعلاً ببناء وتكوين قوة مشتركة فعالة جويّاً وبريّاً وبحريّاً لحماية أية دولة عضو في مجلس التعاون تتعرض للتهديد أو العدوان, وإنشاء قوة بحرية مشتركة للعمل في الخليج والبحر الأحمر لمواجهة خطر أيّ عدوان, وحماية المنافذ والجزر والشواطئ, ويمكن أن تشمل أيضاً مسؤوليات حرس الحدود بصورة متكاملة لحماية المنشآت البحرية الخدمية كتحلية المياه وتصدير المنتجات وصيانة السفن.
داخلياً تظل أهم مقومات ترسيخ الأمن واستقرار المجتمع رضى المواطن وأجواء التعايش وتوفر فرص العمل والدخل لتحقيق مستوى عيش كريم. مهم لتحقيق التنمية الاجتماعية ضبط أداء مؤسسات التدريب المهني العملي والتخصصي للتدريب والتمكين بدورها, وأن تفتح فروع لتقديم خدماتها في المناطق النائية بعد أن يرخص لها رسمياً بمعايير مهنية دولية معترف بها في الدول المتقدمة صناعيا لإيقاف هجرة الشباب إلى المدن الكبرى المكتظة. وأن يعم نظام تأمين صحي موحد لكل مواطن ومقيم, يسري عبر الدول ليؤمن للمراجع الحصول على الخدمات الصحية والدواء أينما كان. ويكون لكل فرد ملف وسجل معلومات صحية أسرية, متاح إلكترونيا في كل المستشفيات. وفي جبهة التوجيه القيمي والتحضر أساسي أن تستمر إجراءات محاربة الانفلات والفساد الإداري, ليكون السائد ثقافة الانضباط والالتزام بالقوانين. ويقوى جهاز الأمن والمرور لتطبيق عقوبات المخالفات على الجميع.
جميل ما نراه من مبادرات تحدث وتنظم الخدمات وتوجه وعي المواطن منذ الصغر. بقي أن يجرم كل فعل أو قول يحض على الطائفية وجرائم الكراهية والعنف ضد الآخر ودعم الحركات الإرهابية وتمويلها وسننجح في حماية النشء والمجتمع العام بسن قوانين تنظيمية وإجراءات يلتزم بها في التقييم والتصريح والتعيين لكل العاملين في مجالات التوعية والتوجيه والتثقيف والتدريب, وأهمهم المدرسين والأئمة. يجب أن يكون التعليم إجبارياً حتى إكمال المرحلة الإعدادية, ويتم تحديث وإثراء المناهج بمحتوى مهني وحرفي وتثقيف صحي, وبمهارات التشغيل والصيانة بما يتماشى مع الواقع التقني القائم. وفي المحتوى التثقيفي يتخير له ما يبني الثقافة العامة عن التاريخ المحلي, وحضارة العالم والأديان. ويشمل مهارات القيادة وآداب التصرف في الحيز العام, وحماية البيئة والتواصل والحوار الحضاري, وتعلم لغات حيوية شرقية وغربية, والتعامل مع الأجهزة الذكية, والحصول على المعلومات من المصادر التقنية المحدثة. ومطلوب المزيد من مراكز الأبحاث للطاقة, وإعادة تدوير المواد والنفايات, والأمراض الوراثية والمستجدة والأوبئة. وكذلك مراكز للإحصاء والتعداد, ومراصد لتوجهات الرأي العام, ومؤشرات قياس حالة الرضى المادي والمعنوي, الفردي والفئوي والمناطقي.
موقعنا اليوم كدولة محورية عالمياً بمنطقة مركزية الجذب والأهمية يتطلب جواراً مستقراً نامياً, ومواطنين بثقافة التعايش واحترام الآخر يتقنون التعامل مع التحضر.