عبدالعزيز السماري
كثيراً ما نبدي الدهشة على تلك الاكتشافات الأثرية القديمة، والتي تكشف عن تطور مذهل لبعض الحضارات القديمة، لكن ما يغيب عن تلك الآثار هو أسباب انهيارها واختفائها عن الوجود، ولعل التفسير الأبسط هو ذهنية الصراع التي عندما تصل إلى مستوى التدمير تنهار وتختفي إلى الأبد، ويعود الإنسان إلى البدائية، ثم يبدأ من جديد من مكان مجهول رحلته الكونية من أجل البحث عن أخلاق جديدة كفيلة بإعادة الإنسان إلى طبيعته البشرية..
إدوارد سنودن، الموظف السابق لدى وكالة الأمن القومي الأمريكية «إن إس إيه»، كشف عن أكبر برنامج للتجسس في التاريخ للوكالة على الأفراد والحكومات الأجنبية، وأشار في تسريباته إلى أنه لم يعد هناك أسوار، فالتقنية الاستخباراتية تصل إلى مختلف المنازل، وتسجل وتصور من داخل الغرف المؤصدة من خلال تقنية الحواسيب المنتشرة في كل مكان.
لفت نظري خبر تم تداوله في بعض المواقع المعرفية، ويتمحور على نجاح علماء للأعصاب في توصيل العقول البشرية عبر آلة، مما يسمح لهم جميعاً باللعب لعبة مشتركة أو التفاعل من خلال الآلة، وتعمل الآلة من خلال الموجات الكهرومغناطيسية التي تسجل النبضات الكهربائية في الدماغ، وتقوم على التحفيز المغناطيسي، حيث يتم تحفيز الخلايا العصبية باستخدام الحقول المغناطيسية..
وأطلق الباحثون وراء الاختراع اسم آلة أو الشبكة الدماغية، ويعتقدون في المستقبل أنها يمكن أن تدعم أدمغة لا تعد ولا تحصى، وستكون قادرة على التصرف بشكل أساسي. وكتب فريق من جامعة واشنطن وجامعة كارنيجي ميلون في ورقتهم المنشورة: «نقدّم لكم شبكة BrainNet، والتي، على حد علمنا، هي أول واجهة مباشرة من الدماغ إلى الدماغ.
في عام 2015، استخدم أندريا ستوكو وزملاؤه في جامعة واشنطن في سياتل ترساً لربط شخصين عبر واجهة بين دماغيهما، ثم المشاركة في لعبة من 20 نوعًا من الأسئلة، والخطوة التالية الواضحة هي السماح للعديد من الناس بالانضمام إلى مثل هذه المحادثة، وأعلنوا أنهم حققوا ذلك باستخدام شبكة من الدماغ إلى الدماغ، ويقول الباحثون: «إن نتائجنا تزيد من إمكانية وجود واجهات مستقبلية بين الأدمغة، والتي تمكن البشر من حل المشاكل التعاونية باستخدام» الشبكة الاجتماعية «لأدمغة مترابطة.
يمكن لخادم واجهة التعامل أن يوجه نقل المعلومات، وأن يجعلها قابلة للتشغيل على مستوى العالم من خلال الإنترنت، مما يسمح بالتفاعلات القائمة على السحابة بين العقول على نطاق عالمي، يقول الباحث وزملاؤه. «إن الدماغ لديه القدرة ليس فقط على فتح حدود جديدة في مجال التواصل الإنساني والتعاون، ولكن أيضاً تزويدنا بفهم أعمق للدماغ البشري، وهو ما يعني أن الشبكات التواصل الاجتماعي ستنتقل من استخدام الحواسب إلى العقول كطريقة للتواصل، وسيكون بمقدور البشر أن يتواصلوا من خلال أدمغتهم.
تقوم وكالة في الوقت الحاضر مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة (DARPA) بتطوير «واجهة عصبية» تسمح للجنود والآلات بالاتصال من خلال التفكير، من خلال برنامج الجيل الجديد غير العصبي في الجراحة العصبية، أو N3، هو مشروع يهدف إلى إنشاء تقنيتين جديدتين، ستكون إحداها واجهة دقيقة، حيث قد يضطر المستخدم إلى استيعاب مركبات كيميائية مختلفة لمساعدة المستشعرات الخارجية على قراءة نشاط الدماغ، مما يسمح له في نهاية المطاف بالتحكم في التكنولوجيا باستخدام ذهنه، ويجب أن تكون كلتا السطوح البينية «ثنائية الاتجاه»، بمعنى أنها تستطيع قراءة نشاط الدماغ بينما تقوم أيضًا بكتابة المعلومات إلى الجهاز والعكس.
مدير البرامج أل ألموندو في مكتب التكنولوجيا البيولوجية التابع لـDARPA، صرح بأنه يمكن استخدام الواجهة لمساعدة طيار لتنسيق أسطول من الطائرات بدون طيار من خلال أفكارهم أو قواهم العقلية للتحكم عبر الروبوت، باستخدام إشارات المحرك في الدماغ، وأضاف مدير البرنامج «نحن لا نفكر في تقنية N3 ببساطة كطريقة جديدة لطيران طائرة أو للتحدث إلى جهاز كمبيوتر، ولكن كأداة لتكوين فريق حقيقي من الآلات البشرية، وهو ربما ما قد ينذر بنهاية أخرى للعالم، ثم العودة من جديد إلى البدائية والحياة الفطرية من أجل حياة أكثر سلامة من حروب العقول عبر الآلات البشرية..