فضل بن سعد البوعينين
ينتقي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الوقت المناسب للتحدث إلى وكالات الأنباء عن قضايا المملكة السياسية والاقتصادية والمجتمعية. انتقائية التوقيت مرتبطة أيضاً بانتقاء الجهة الإعلامية التي تستحق الحصول على التصريحات (الحولية) التي يتمنى كل إعلامي الحصول عليها، لأهميتها وتأثيرها، وشفافيتها المطلقة.
تنقل مندوبو «بلومبيرغ» في لقائهم مع سمو ولي العهد بين القضايا الاقتصادية، السياسية، الحقوقية، والمجتمعية بالتناوب فيما بينهم، وبحسب تخصصاتهم ومسؤولياتهم الإعلامية، تحفزهم شفافية الأمير محمد بن سلمان، وتدفق معلوماته الغزيرة وإلمامه التام بكل ما يدور حوله من شؤون الدولة.
وكالعادة، طغى الجانب الاقتصادي على حديث ولي العهد؛ برغم أهمية القضايا السياسية والأمنية والمجتمعية الأخرى. تعامل ولي العهد بحكمة ودبلوماسية غلفتها الثقة بالله أولاً، وبالقدرات الوطنية، والقوة والتمكين السياسي والمجتمعي والعسكري، في رده على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
لم يخلو رده من الجوانب الاستثمارية الاقتصادية التي تقوم عليها الشراكات الدولية، والتي أسهمت في تعزيز القطاع الصناعي الأميركي والمساهمة في خلق الوظائف، كما أسهمت في توفير المملكة لاحتياجاتها العسكرية ورغبتها في توطين الصناعة ونقل التقنية. علاقة إستراتيجية قائمة على المصالح الاقتصادية وبعيدة عن خطاب الحماية المزعومة، الذي تدحضه وبقوة سياسة الرئيس السابق باراك أوباما العدائية تجاه السعودية.
تحدث الأمير محمد بن سلمان عن حقول المنطقة المشتركة بين السعودية والكويت بشفافية مطلقة وكشف عن معلومات لم تكن متاحة للإعلام من قبل. ثم تنقل بين قضايا الاقتصاد المهمة وفي مقدمها أرامكو السعودية، وصفقة الاستحواذ الكبرى على سابك والتي شدد على أهميتها وأهدافها الإستراتيجية لتعزيز مكانة أرامكو ومستقبلها في عمليات المصب، حيث التكرير وصناعة البتروكيماويات؛ وهو المجال نفسه الذي تعمل فيه سابك التي تتلقى احتياجاتها الكلية من اللقيم من أرامكو ما يعني تضارب المصالح مستقبلاً؛ وربما إضعاف سابك أيضًا. لذا جاءت فكرة الاستحواذ لتحقيق هدفين رئيسن: تمكين أرامكو من التوسع في عمليات المصب، وحماية سابك من المخاطر المستقبلية الناجمة عن المنافسة غير العادلة مع أرامكو.
ومن أهم القضايا الاقتصادية المطروحة مدينة نيوم ومستقبلها، حيث أكد ولي العهد أن العام 2020 سيشهد إنجاز البلدة الأولى في المشروع الذي يضم 12 مدينة و7 بلدات، على أن يستكمل المشروع في 2025. واستثمارات صندوق الاستثمارات العامة التي عززت الاستتثمار الداخلي تفعيلاً لرؤية 2030 المستهدفة توجيه 50% من الاستثمارات للداخل. ومن اللافت الإعلان الأولي عن مشروع استثمار ضخم للصندوق في إحدى القطاعات الاقتصادية غير النفطية، ما يعزز هدف تنويع مصادر الاقتصاد.
أختم بموضوع مكافحة الفساد، الذي قالت عنه بلومبيرغ إنه أثر سلبًا في ثقة المستثمرين، وتدفق الاستثمارات الأجنبية، ورد ولي العهد بالأرقام الدقيقة التي تكشف عن نمو الاستثمارات بنسبة 90% في النصف الأول من العام 2018، ونمو الاستثمارات في سوق المال السعودية بنسبة 40%. الحقيقة أن تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد من أهم المؤشرات المعززة لتدفق الاستثمارات الأجنبية وليس العكس. وهذا ما تؤكده أرقام النمو المعلنة. فالحقيقة الدامغة ليست كالشائعات، ومن المؤسف أن تتعلق وسائل الإعلام بها متجاهلة الحقائق الثابتة.
حوار الأمير محمد بن سلمان أسهم في رسم خارطة طريق للشؤون الداخلية والخارجية، وفي القضايا السياسية، الاقتصادية، الأمنية والمجتمعية، وفند الشائعات وقدم الحقائق. باختصار شديد، هو حديث القوة والثقة والشفافية والوضوح.