سمر المقرن
هناك تحديات تواجه الفتيات المراهقات في كل دول العالم، من هنا انبثقت فكرة (يوم الطفلة الدولي) في 11 أكتوبر منذ العام 2011م، عندما شرعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في اعتماد قرارها، وذلك بهدف تركيز اهتمام العالم على التحديات التي تواجهها الفتيات، والتي تختلف وتتفاوت من منطقة لأخرى، لكن يأتي توحيد فكرة الأمم المتحدة في هذا اليوم للتركيز على التعليم والصحة، وهما بوابتا الحياة السليمة والسويّة للفتاة.
وقد تكون المعضلة الأساسية التي تواجه الفتيات في هذه السن لدى معظم المجتمعات العربية هي زواج القاصرات، ومن هنا تتأثر أهم ركيزتين تقوم عليها حياة الطفلة ألا وهي التعليم والصحة، فالزواج المبكر يحرمها من فرصة إكمال التعليم لتكون شخص منتج في المجتمع، كما أنه عامل مباشر بحسب الآراء الطبية والدراسات الصحية على صحتها وعلى حياتها، لأن جسد الفتاة لم يكتمل نضجه حتى وإن بدا شكلاً أنه في حالة اكتمال، وهذا ما يجعل صحتها تتأثر بالحمل والولادة ودخول مرحلة حياتية قبل السن المحدد لذلك. ومن المهم الإشارة للصحة النفسية وهي أساس الحياة الصحية، وبلا شك سوف تتأثر حياتها النفسية بشكل أو بآخر جراء الزواج المبكر، حتى ولو افترضنا أنها سعيدة بالزواج لكن لا بد أن تتأثر نفسيتها بممارسة مرحلة حياتية سابقة لأوانها!
برغم هذا كلّه، ما زال الجدل العقيم قائما في مجتمعاتنا العربية حول تزويج الصغيرات، والحقيقة أنني لغاية اليوم لم أفهم سبباً في اللغة المتشنجة تجاه نقاش هذا الموضوع خصوصاً من قِبل الفريق الذي ينادي بتزويج الصغيرات، وكأن قضية الأمة بأكملها متوقفة على هذه القضية، مع أن من يتأمل هذا الموضوع يجد خروجه عن الإطار الإنساني من كافة النواحي، ولا يمكن أن يقنعنا هذا الفريق بفائدة واحدة مرجوة من زواج الصغيرات، وإن كان ناجحاً أو معمول به في أزمان ماضية فإننا لا يمكن أن نعيش بين أركان التراث ولا أن نبقى أسرى لأحداث فردية من التاريخ، من المهم أن ننظر إلى الواقع واحتياجاته وإلى المستقبل وأدواته، وأن ما يقاس في الماضي لا يُمكن أن يرتديه الحاضر.
زواج الصغيرات قضية طال نقاشها فهل تنتهي كغيرها من القضايا الجدلية بتحديد سن أدنى للزواج لا يتجاوزه مرضى البيدوفيليا ولا تُجار البشر؟!