د. محمد عبدالله الخازم
ضمن اهتمامي بسياسات التعليم العالي كتبت سابقاً عن جامعات سعود والبترول وعبدالعزيز وفيصل ونورة والباحة وغيرها، واليوم أغامر بالكتابة عن جامعة سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية (سعود الصحية)، بما لا يتجاوز طرح الرأي والتساؤلات المختصرة. غبت عنها سنوات، وكنت أمني النفس بالعودة لواقع أجمل من ذلك الذي غادرته، وبالذات وقد كانت لي ملاحظات سابقة تمنيت أن يخطئها الواقع! وجدت مباني منجزة تعبر عن هوية الجامعة غير المنسجمة مع (ثيم) أو هوية وفلسفة أكاديمية واضحة كما كنا ننشد في جامعة حديثة. وجدت نشاطات عديدة يشكر القائمون عليها. ووجدت قيادات طال بها المكوث، دعوت لهم بالصحة والعافية وحمدت الله أن أتاح لي رؤيتهم وهم على ثباتهم واجتهادهم.
قبل عشر سنوات وجهت أسئلة ما زلت أبحث عن إجابتها؛ ما العلاقة بين الجامعة والحرس الوطني ممثلاً في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية؟ هل هما جسد إداري واحد أم جسدان منفصلان؟ ما آلية التكامل بينهما؟ كنت ومازلت مشفقاً على معالي مدير المؤسستين في مهمته المتمثلة في التوفيق بين المتنافرات الإدارية وإطفاء الحرائق وفق آليات فردانية وليس هياكل تنظيمية متطورة تؤسس للمستقبل. أسئلتي ما زالت؛ ما الرؤية المستقبلية للجامعة؟ هل ستبقى جزءاً من هيكل الشؤون الصحية للحرس الوطني أم ستكون كياناً مستقلاً؟ هل ستتحول المدينة الطبية لتصبح تعليمية تابعة للجامعة أم أن الجامعة جزء من المدينة الطبية؟ ما علاقة فروع الجامعة بمركزها؟
ليست الضبابية فقط في العلاقة الملتبسة في ذهني بين المدينة الطبية والجامعة، بل الجامعة ذاتها تبدو مقسمة إلى جزر إدارية، فهناك وكالة الجامعة الأكاديمية وهناك مركز الأبحاث ويعمل بشكل مستقل عن الكليات في وظائفه وإدارته وله مدير تنفيذي - على الورق يعتبرونه وكيلاً للجامعة - وهناك الدراسات العليا تدار بشكل منفصل كذلك وتدير برامج الدراسات العليا الطبية التي يفترض أن تكون جزءاً من كلية الطب، وإدارة الندوات بها تسمى دراسات عليا. على الورق يعد كل ذلك ضمن مكونات الجامعة لكن كل إدارة تدار بشكل مختلف يفقدها التجانس الإداري ويزيد كلفة تشغيلها.
وجدت جامعة لديها عدد كبير من مساعدي وكلاء الجامعة والعمداء، وأطبائها يديرون كليات وعمادات ليست تخصصهم وبعض أعضاء هيئة التدريس يشتكون تغيير آليات البدلات والخصومات التي تطال رواتبهم لأسباب إدارية، يحملون تبعاتها، سببها ازدواجية مرجعية الجامعة. الازدواجية هذه تقلق منسوبي الجامعة وتصعب مهمة تطوير رؤية حديثة للجامعة وعلاقتها بالمؤسسة الأم لها. إنهم يخافون أو لا يريدون مواجهة الأسئلة الصعبة المتعلقة بأي قبعة يلبسون، الحرس أم الجامعة!
لقد أحسن الحرس الوطني بكرمه وسخائه في تأسيس هذه الجامعة ودعمها، وله حق التمسك بانتمائها إليه وفق صيغة تنظيمية واضحة قد نقترح صيغة لها مستقبلاً. الجامعة بحاجة إلى مراجعة إجراءاتها وهياكلها التنظيمية والإدارية وإلزامها بتطبيق أنظمة حوكمة واضحة، ولعل وزارتي الحرس الوطني والتعليم والجهات ذات العلاقة تشكل فريق عمل مستقل للقيام بهذه المهمة، لأن التصحيح ليس ممكناً من داخل المنظومة ذاتها. طبعاً، مع عدم الإضرار بالعاملين بالجامعة وطلابها.