خالد بن حمد المالك
أحاول أن أفهم لِمَ كل هذا التكالب الدولي ضد المملكة، وهذا الضمير الذي لم يصح إلا مع حادثة اختفاء الزميل جمال خاشقجي، وتلك الحالة الإنسانية التي لم نجد لها مكاناً في مشاعرهم إلا مع حالة الخاشقجي، بينما حدث ويحدث في طول العالم وعرضه ما هو مماثل أو أعنف من ذلك، فلا نجد تفسيراً إلا أن يكون المستهدف هو كيان المملكة، وليس الدفاع عن زميلنا - أعاده الله إلى أهله وذويه سالماً.
* *
أحاول أن أتفهّم هذه الرِّقة الإنسانية وهذه العاطفة الجيَّاشة في مسألة اختفاء جمال، بينما هي تتصاعد بشكل غير مألوف، دفاعاً مشبوهاً، عن صحفي لم يكن يتوارد اسمه من قبل بما يميّزه عن زملائه الصحفيين العاديين، فإذا به بين ليلة وضحاها يصبح الأشهر، واسمه الأكثر تردداً، في الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي، وساعات البث عنه تتم بما لم يحدث لغيره من الصحفيين بما في ذلك الكبار والمميزون ومَن لهم تاريخ إعلامي طويل وواجهوا ما واجهه زميلنا المختفي جمال خاشقجي.
* *
نعم، أحاول الاقتراب من الأزمة، لمزيد من الفهم والاستيعاب، فلا أجد أمامي إلا أننا أمام مؤامرة كبرى ضد المملكة، لتحجيم دورها العربي والإسلامي وتأثيرها الاقتصادي والسياسي، إذ إن الهجمة لم تكن دفاعاً عن صحفي سعودي، أولى من يدافع عنه - وقد فعلت - المملكة، كما هي مع كل مواطنيها في الداخل والخارج، متى ما مسّهم سوءٌ، أو تعرّضوا لضرر، بما لا حاجة لهذه الأصوات الأجنبية النشاز لتقوم بالنيابة عنَّا بهذا الدور الذي يخفي وراءه التآمر على المملكة، بمثل ما عبَّرت عنه قناة الجزيرة، وكل من باع ضميره من الوسائل الإعلامية على امتداد العالم.
* *
لقد عبّرت المملكة عن موقفها من اختفاء الزميل جمال، بدعوة تركيا للاشتراك معها في تشكيل لجنة تحقيق على أعلى المستويات، وبالسماح للجانب التركي بالدخول، إلى القنصلية السعودية، وفتح تحقيق مهني وقانوني للوصول إلى الحقيقة، بعيداً عن الأحكام المسبقة، والاتهامات الباطلة، ومحاولة خلق الروايات والقصص، وتسييس الأزمة لمصالح وأهداف تقودها قوى معادية للمملكة.
* *
فإذا كان الأمر هكذا، فإن أي تصرّف أو موقف تقدم عليه أي دولة، فقد كان بيان المملكة واضحاً وصريحاً بأنها سوف تتخذ أشد العقوبات ضد كل من يقدم على تبني مواقف تضر بالمملكة أمنياً واقتصادياً وحتى سياسياً، وإن معالجة هذا الاختفاء الغامض، والجريمة النكراء، إنما تتم من خلال التحقيق المشترك الذي يقوده الجانبان التركي والسعودي لمعرفة الجهة أو الجهات الضالعة في إخفاء الزميل، ومن ثم توريط المملكة باتهامات باطلة عن دور لها في ذلك، ما يعني أن المملكة سوف تواجه هؤلاء بالقوة والحزم والصلابة التي لا يمكن أن تتخلَّى عنها إذا ما فرض علينا قرارات مجحفة، وألحقت بنا اتهامات باطلة.