منصور ماجد الذيابي
يعلم الشرفاء في جميع أنحاء العالم أن المملكة العربية السعودية تنعم منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - بالخير والنماء، وتتمتع بالأمن والاستقرار على الصعيدَيْن السياسي والاقتصادي. كما يعلم العالم مدى قوة التلاحم بين القيادة السياسية الفذة والشعب السعودي الأبيّ؛ وهو ما أثار لدى الأعداء مشاعر الحقد والحسد تجاه المكانة التي تتبوؤها المملكة العربية السعودية على الساحة الدولية؛ وبالتالي قيام المغرضين والمحرضين بتجنيد كل الوسائل الممكنة لإيجاد بيئة فوضوية، قد تسمح - وفقًا لتصوراتهم - بإحداث اختراق في النسيج الاجتماعي للمجتمع السعودي، ومن ثم مواصلة الهجوم الإعلامي للوصول إلى مستوى يتيح لهم القيام بتفكيك الجبهة الداخلية من خلال إثارة الفوضى، وزلزلة أركان البناء الوطني التي تشكِّل العمود الفقري لجذور التلاحم العميقة التي تميز طبيعة الحياة الاجتماعية في المملكة العربية السعودية.
بعد إخماد النيران التي أشعلتها قوى وكيانات معروفة في مناطق الربيع العربي، التي كان يراد لها أن تصل إلى الجزيرة العربية آنذاك لولا الوقوف بحزم القائد والتصرف بحنكة الحكماء والتعامل بوعي وإدراك العظماء لأهداف تلك الحملة التي فشلت في الوصول إلى مركز العالم الإسلامي، واختراق التحصينات الفولاذية المكهربة.. منذ ذلك الحين تحركت تلك الكيانات ومَن يقف وراءها من بعض الدول التي تشارك الآن في الحملة الإعلامية الشرسة، وحاولت إلحاق الأذى ليس بسمعة المملكة العربية السعودية فحسب، وإنما كذلك زعزعة الاستقرار في هذه الدولة العملاقة التي نجحت قيادتها وحكومتها في تجنيب المنطقة مخاطر الثورات الربيعية السابقة. نعم لقد تمكنت هذه الدولة العملاقة قيادة وشعبًا واقتصادًا وتاريخًا وجغرافية من إحباط مخططات الأعداء، وتقزيم أدوار العملاء؛ وهو ما أثار حفيظة الأقزام، وألهب فيهم مشاعر الحسد والكراهية. ومن هنا أرادت الدول التي كانت يومًا صديقة وحليفة أن تستخدم تلك الكيانات العميقة والدويلات الضعيفة والتحالفات العسكرية للإسهام في شن حملة إعلامية واسعة النطاق ظنًّا أنها ستحقق لهم ما يصبون إليه بجعل القلعة السعودية الحصينة ساحة للصراع والدمار. وبالرغم من ردود الأفعال السعودية المتزنة التي صدرت من أعلى المستويات الرسمية للدولة إلا أن هذه الدول - وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية - ما زالت تسعى لفرض سياسة التدخل بالشأن الداخلي للمملكة من خلال توظيف قضية اختفاء المواطن جمال خاشقجي لتبرير هذه الحملة الإعلامية التي تنطلق تحت مظلة حقوق الصحفيين لتحقيق أهدافها المتمثلة في ابتزاز وتفكيك الجبهة الداخلية المتماسكة والعصية على المتآمرين من الخوارج والروافض وأحفاد المغول والصليبيين.
ونحن السعوديين متابعون للشأن الإقليمي والدولي، ومدركون لما آلت إليه الأمور في دول الربيع العربي وغيرها، ولا نستغرب هذا التجييش الإعلامي ضد قلب العالم الإسلامي وقِبلة المسلمين الأحرار ومهوى أفئدتهم.. فقد تعرضت بلادنا عبر العقود الماضية إلى حملات تشويه ممنهجة، تستخدم تارة حقوق الإنسان كغطاء لسهامها المسمومة، وتستخدم حرية الكلمة تارة أخرى لتبرير التدخل وكسب التعاطف وتأليب الرأي العام.
إن توجيه أصابع الاتهام للمملكة العربية السعودية في قضية خاشقجي دونما دليل ملموس إنما يبرهن على سوء نوايا هذه الدول تجاه منطقة الشرق الأوسط عامة، والمملكة العربية السعودية تحديدًا. وليست تلك النوايا والسياسات بغريبة علينا؛ فقد حاولت كندا قبل ذلك بفترة قصيرة إحداث شرخ في علاقات بلادنا مع المجتمع الدولي بانتقادها سِجل حقوق الإنسان في المملكة، ولكنها فشلت في العزف على هذا الوتر، وندمت، بل اعتذرت بعد سلسلة من إجراءات الحزم الصارمة التي كلّفت كندا مليارات الدولارات على الصعيد الاقتصادي. ومؤخرًا كان لحديث سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الأثر القوي عندما قال في معرض حديثه لوكالة بلومبيرغ «إن المملكة لن تدفع شيئًا مقابل أمنها، وإن المملكة لا تشتري السلاح من الولايات المتحدة مجانًا». وبذلك قدَّم الأمير البطل للعالم رسالة واضحة، مفادها أن الرياض لا تخضع للإملاءات والاشتراطات أيًّا كان مصدرها.
سوف يعلم العالم قاطبة ولو بعد حين أن الرياض التي يفترض أن تكون مقرًّا لمنظمات حقوق الإنسان وحرية التعبير.. سيعلم المجتمع الدولي حينئذ أنها بريئة من تلك التهم التي تُرمَى بها جزافًا وبهتانًا عبر شبكة التهويل والتحريض القطرية ومثيلاتها.
**** منصور ماجد الذيابي