رقية سليمان الهويريني
إن اخضاع المجتمع لأخبار كاذبة من قنوات مدلسة يجعله يستسلم بعد محاولات من المقاومة ولحظات حيرة بين التكذيب والتصديق، ثم يجد الأفراد أنفسهم في حالة من الإرهاق النفسي بسبب خطابات الشحن والكراهية فتوهن قواهم ثم ما يلبثوا أن يصدقوا مزاعم العدو.
وهذه السياسات الخبيثة من الدهاء والمكر لم تأت في يوم وليلة، بل يتم التخطيط لها منذ زمن بعيد وتصب اهتمامها بالتأثير على الشعور العام وتهيئته ليكون متقبلاً لأي إشاعة أو خبر مفبرك وكاذب!
ولئن كان المجتمع في فترة ما متقبلاً كل ما ينشر ويعرض على الشاشات الماكرة بسبب اتقان الصنعة الإعلامية والمهنية فضلاً عن اعتياد الأذن سماع الكذب حتى لتقتنع بأنه حقيقة! إلا أنها ما أن تحولت لنشر الزيف والافتراء حتى رفضها المجتمع وفضح أمرها، فسقطت المهنية المزعومة. لذا كان لا بد من توعية المجتمع لما يحاك له ومساعدة الأفراد على مقاومة خطاب الشحن المستمر ضد القيادة وتبصيرهم بما يخطط لهم عبر أجندات خارجية هدفها زرع الشك وزعزعة الأمن.
وإن كان من أخطاء اقترفناها فهي لا تزيد عن أمرين أحدهما الاستهانة بتلك القنوات التي تستهدف بلادنا وتحاول المساس بأمنها، وثانيهما عدم إيجاد إعلام متخصص باستطاعته دحض كل الافتراءات والزيف ونشر الإشاعات المغرضة، ومقابلة الحشد الإعلامي المعادي من خلال استراتيجية وأهداف طويلة الأجل بحيث يبنى هذا الإعلام على سواعد أبناء الوطن من الإعلاميين المخلصين والمثقفين والمفكرين الأنقياء يكون دورهم تنفيذ منصات للحوار وتأهيل جيل من الشباب المتحمس للدفاع عن بلده.
ولعل وضوح الرؤية وانكشاف المخطط قد تبين من إفلاس تلك القنوات وسقوطها في مستنقع الكذب، وظهر ذلك جلياً من خلال حالة الهيجان والانفعال وتكرر الأخطاء مما تسبب بانحدار مهنيتها إلى الحضيض.
ويبقى التعويل على إدراك المجتمع والرهان على وعيه، ومن هنا يتم بناء الجبهة الداخلية لتحمي بقية أفراد المجتمع.