موضي الزهراني
لقد عاشت الكثير من الأسر السعودية معاناة مع استقدام العاملات من الجنسيات المناسبة لهم، وذات الأقل كلفة لظروفهم المادية! وازدادت تلك المعاناة بعد إيقاف استقدام العمالة المنزلية من إندونيسيا منذ 7 سنوات! وكذلك شكَّل إيقاف العمالة الإثيوبية منذ نحو أربع سنوات بشكل مؤقت لممارسات مرفوضة من هذه العمالة أزمة أخرى؛ وهو ما اضطرهم للتعامل مع الشركات المتاجرة بحاجة الأسر، وذلك بنظام الساعة بتكلفة عالية جدًّا للخادمة الواحدة، ومن جنسيات مختلفة؛ وذلك بحجة أنها على كفالتهم، ومدربة، وذات مواصفات قد لا تكون واقعية بتاتًا! ولكن - ولله الحمد - استبشر الكثير من الأسر الأسبوع الماضي خيرًا بعدما أنهى معالي وزير العمل والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي توقيع اتفاقية الاستقدام مع وزارة القوى العاملة والهجرة الإندونيسية، وكذلك مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في جمهورية إثيوبيا؛ وذلك لاستقدام العمالة المنزلية! ولكن لكي تتم هذه الخطوات بخير على المنازل السعودية، والحد من تكرار المخالفات غير النظامية، أتمنى أن لا تتوقف بنود اتفاقية الاستقدام على تكلفة العقد، وقيمة الراتب، وآلية الاستقدام، وحقوق العاملة فقط، ويتم تجاهل تضمين العقد حقوق الكفيل، وواجبات العاملة تجاه هذه الأسرة وأطفالها! وإن كانت هذه الخطوة سوف تغطي 80 % من احتياجات الأسر السعودية، وستسهم في خفض واستقرار الأسعار كما أفاد رئيس لجنة الاستقدام بغرفة مكة المكرمة، لكن من الضروري عدم تجاهل أهمية تدريب العاملات تدريبًا مناسبًا للبيئة السعودية واحتياجاتها وتقاليدها، إلى جانب أهمية إجراء الفحص النفسي والعقلي على المتقدمات للعمل في منازل السعودية! فالاختلافات البيئية والاجتماعية والفكرية قوية جدًّا بين بيئات العاملات والبيئة السعودية؛ وهو ما يتسبب في حدوث انفصال حضاري قوي، قد يكون عاملاً مساعدًا في معاناة العاملة من قلق الانفصال، ومشاعر الغربة المؤلمة، التي تجتمع مع ضغوط العمل ومتطلبات الأسرة؛ فتدفعهن لاشعوريًّا لارتكاب مخالفات وقضايا، قد يذهب ضحيتها أولاً أطفال تلك الأسرة الأبرياء!
ولأننا جميعًا لا نتمنى عودة مخالفات العمالة المنزلية التي شهدناها خلال السنوات الماضية، التي قد أشار لها تقرير سابق لوزارة الداخلية بأنها بلغت 40 % بالنسبة للخادمات! لذلك فحماية هذه الأسر المحتاجة لتلك العمالة من مسؤولية وزارة العمل والتنمية الاجتماعية؛ فالهدف ليس هو تلبية احتياجاتهم فقط، بل أيضًا حمايتهم من أي استغلال أو ارتكاب خطأ مفاجئ لاستقرارهم الأسري.