حين دعيت للكتابة في يوم الاحتفاء بالناقد الأستاذ الدكتور سعد البازعي ترددت قبل قبول الدعوة؛ لا لشيء سوى لأن من يكتب عن قامة نقدية سامقة لا بد أن يمتلك مدادًا يوازي إنتاج هذا الرجل الأكاديمي الخبير، ولو لم يكن منه سوى تفانيه في خدمة كلية الآداب الكلية العريقة في جامعة الملك سعود لكفاه هذا العطاء عن كل ما قدم، بيد أنني في هذه المساحة -ونحن في حضرة رجل تعرفه المكتبة ورفوفها- أثرت الكتابة عن كتابه «المكون اليهودي في الحضارة الغربية»؛ جاء الكتاب في 424 صفحة وهو صادر عن المركز العربي الثقافي، هذا الكتاب العميق الذي بسط فيه الدكتور الشرح والتحليل عن الشخصية اليهودية التي تطل برأسها في كتابات أصحابها وإن حاولوا إنكارها، وبعد قراءة متأنية لهذا الكتاب لا بد من التأكيد على هذه الكلمات التي ذكرها الدكتور في كتابه: «من غير الصحيح فهم الكتاب بوصفه سعيا إلى إبراز مساوئ اليهود أو أخطائهم أو عيوبهم»؛ فهو كما ذكر لم يقم برصد عيوبهم وتتبعها ومحاولة تسليط الضوء عليها بل كان ينشد الإجابة على سؤالين: هل هناك حقا إسهام ثقافي، فكري أو إبداعي، يمكن وصفه بـ«اليهودي»؟ ، ثم إذا كان هذا الإسهام موجودًا فما حجمه وما هي أهميته؟، ساعد -وضوح منهج الدكتور- في الإجابة على هذين السؤالين؛ فقد كان موضوعيًّا يدعم مؤلفه بالنماذج، وقد بين ذلك حيث يقول: «من عنوان الكتاب كان المسعى إلى إبراز العناصر الثقافية اليهودية وذلك من خلال ثلاث عمليات: التأريخ والتحليل والتقويم، وإذا كانت عملية التحليل والتقويم لا سيما الأخيرة تتضمن الحكم فإن الحكم لم يكن دائمًا ضد اليهود وإنما كان أحيانًا في صالحهم»، أما إجابة السؤال الذي كان يراودني قبل قراءة الكتاب فقد عثرت عليها مرارًا في نصوصهم وبين السطور.
قطرة مطر:
بعض منك اسمك ومهنتك وكلماتك، غير أن عقيدتك كلك!
** **
- مريم الخالدي