د. حسن بن فهد الهويمل
الاحتفاء بقامة أدبية كـ(البازعي) واجب جاء متأخراً؛ وأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي .
لقد عرفته أديباً هادئاً، و(أكاديمياً) فاعلاً، سد خلالاً كثيرة في المشهد الأدبي لم يكن ناقداً حجاجياً، ولا صاخباً، يقول كلمته بهدوء؛ ثم يمضي ، غير هياب، ولا وجل.
قل أن يلتفت إلى الخلف، ولكن له غضبة الحليم.
طرح بالاشتراك مشروعاً أدبياً قرأته في طبعاته المزيدة المنقحة (دليل الناقد الأدبي) وأبديت رؤيتي فيه؛ وكنت أظنه سيرد الصوت، ولكنه لم يفعل وعلى الرغم من اختلافي معه حول المنهج، والضوابط فإنه احترم وجهة النظر، ولأن المشروع مسبوق بالنظائر إلا أن بصمات المؤلفين واضحة، ومستقلة، ويمثّل المشروع إضافة معجمية جديدة.
البازعي ناقد متمكن؛ وملم بكافة المناهج النقدية، راوح بين النقد التنظيري المعرفي والنقد التطبيقي المسيطر على كل المناهج الغربية الحديثة؛ وبخاصة اللغوية منها.
لقد أسهم في تجسير الفجوات بين (الأدب السعودي) وسائر الآداب العربية؛ وبخاصة الآداب المغاربية الحديثة، وحضوره مشرِّف، لتلقيه المناهج الحديثة من مصادرها، وسيطرته عليها .
كثير من لداته أسرتهم أروقة الجامعات؛ أما هو فقد ركض بقلمه في كل الفيافي، مسجلاً حضوراً مشرِّفاً للأدب العربي السعودي مع لداته ومجايليه، بحيث شكل معهم أدباً حياً؛ تجاوز الحدود .
الأستاذ الدكتور (سعد بن عبد الرحمن البازعي) المحتفى به عبر (ثقافية الجزيرة) جدير بالإكرام على مختلف المستويات؛ لأنه أبلى بلاءً حسناً في خدمة الأدب العربي الحديث عامة؛ وخدمة الأدب السعودي على وجه الخصوص؛ وفوق ذلك كله لم يكن مستفزاً للخطابات المغايرة؛ ولا متحدياً.
بودي لو كنت فيها جذعاً لأخب في عوالمه التي تهمني؛ وتشغلني وأضع .
ولكن البركة في الزملاء؛ والأبناء، فهم خير من ينهض بمثل هذه المهمات.
لقد ترك في المشهد الأدبي عشرات الكتب النقدية بشقيها: التنظيري والتطبيقي بمستوى معرفي مشرف.
وأنجز من الأعمال في الجامعة؛ والنادي الأدبي وكافة المؤسسات؛ والصالونات الأدبية ما يشرّفه.
نسأل الله له مزيداً من السداد؛ والتألق، والتوفيق.