د.عبدالعزيز الجار الله
تحاول محطة الجزيرة أن تلتقط أنفاسها الأخيرة بعد أن أكد لها أنها وصلت إلى نهاية مرحلتها الإعلامية التي بدأت عام 1996 وعاشت عصراً ذهبياً لمدة (15) سنة حتى بداية الربيع العربي عام 2010 عندما دخل على خط الثورات العربية وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وواتس أب ومجموعة الإعلام الجديد ليتحول العالم إلى فضاء إلكتروني واسع حقيقي وليس افتراضياً، وساهمت الثورة العلمية والتقنية السريعة بإحداث الفارق ما بينها الإعلام الجديد وبين المحطات النمطية مثل محطة الجزيرة التي ما زالت تعتقد أنها كما كانت في السنوات الأولى من تأسيسها، فالجزيرة والقنوات الإخبارية الأخرى قاربت على الأفول وغياب نجمها، وأنها تعيش نهاية مرحلتها الذهبية، فالإعلام التلفزيوني المحطات يدخل في مرحلة مفصلية بعد أن هجره المشاهدون هجرة جماعية لوسائل التواصل الاجتماعي بديلاً أقوى وأكثر تأثيراً من (ماكينة) إعلام المحطات وأسرع من شعار الجزيرة حيث تغطس الكرة الأرضية في مياه الخليج ثم خروج قناة الجزيرة مغطاة بالذهب.
اعتمدت محطة الجزيرة القطرية في قضية اختفاء جمال خاشقجي وهي القضية التي قامت على تكهنات الجزيرة والقنوات الغربية المتعاونة معها، ومهما تكن النتائج فهي في يد لجنة التحقيق التي طلبت السعودية من تركيا تشكيلها (تتكون من المحققين السعوديين والأتراك والأمريكان) فقد اعتمدت قناة الجزيرة في تحليلاتها وتكهناتها على موظفي العلاقات العامة السابقين، وعلى الإعلاميين العرب ممن قذفت بهم أمواج الترحال إلى أوروبا وأمريكا بعد الربيع العربي ليكون وجهاً ولساناً عربياً في عواصم غربية، أيضاً يستجدي مراسل الجزيرة الضيوف ليقولوا ما يتوافق مع هوى وغايات المحطة بشكل مبتذل.
لذا فإن المرحلة المقبلة من العمل الإعلامي لا بد من استثمار التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني على نطاق واسع وتعدد اللغات في مخاطبة الرأي العالمي عبر الإنترنت: الإنجليزية والفرنسية والفارسية والروسية والتركية والأوردية والعبرية، ولدينا جامعات تدرس وتخرج سنوياً هذه اللغات عبر كليات اللغات والترجمة والاستعانة بكليات الإعلام والحاسب فنحن أمام حرب حقيقية، لأن الإعلام في هذه المرحلة أصبح من الحروب الحقيقية وليس مسانداً في المواجهات، بل الحرب الحقيقية الأكثر تدميراً وتأثيراً، ولنا في الثورات العربية النموذج الأقوى في الحروب التي كانت ساحاتها في البدء الفضاء الإلكتروني.