د. أحمد الفراج
منذ أن فاز الرئيس ترمب بالرئاسة، غيّر كثيرا في قواعد اللعبة في واشنطن، واستهل ذلك بالعلاقة مع الإعلام، فقد كان هناك دوما علاقة «حب-كره» متبادلة، بين الرئيس والإعلام، وهناك صحفيون كبار، كان لهم تاريخ لا ينسى مع الرؤساء، مثل سام دينلسون وعلاقته مع الرئيس ريجان، والصحفية الأمريكية من أصل لبناني، هيلين توماس، التي كان لها حكايات وقصص لا تنتهي مع مجموعة من الرؤساء، وقررت في نهاية عمرها أن تصدع بالحق، وتتحدث في المحظور، فتمت معاقبتها بالإبعاد، ولكنها لم تندم، بعد أن أراحت ضميرها، وغني عن القول أن وسائل الإعلام تختار أفضل صحافييها لتغطية نشاط الرئيس والبيت الأبيض، ويعتبر هذا الاختيار إنجازا في مسيرتهم المهنية، حيث القرب من مركز صناعة القرار، والمزيد من الشهرة، ولذا يحرص مراسلوا البيت الأبيض على تقديم أفضل ما لديهم، خصوصا في مناكفة الرئيس.
الرئيس ترمب، الذي أدرك، أثناء ترشحه للرئاسة، أن الإعلام يحاربه، لم يسع للمهادنة، خصوصا بعدما فاز بالرئاسة، فقد اعتمد على مخاطبة جمهوره مباشرة، إما من خلال التجمعات، أو عبر حسابه على تويتر، وبالتالي همّش الإعلام التقليدي، ورفض أن يعقد مؤتمرات صحفية، كما فعل كل الرؤساء الآخرون، وحتى عندما يفعل، ونادرا ما يحدث ذلك، فإنه قلب القاعدة المعروفة، أي المهادنة مع المراسلين، اذ هو من يبدأ بالهجوم عليهم، بل وصل الأمر لطرده وتهزئته لأكثر من مراسل، وهذا ما جعل الإعلام يزيد في خصومته له، ويرفع منسوب الهجوم الشرس عليه، ويقاتل من أجل تصعيد علاقته بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، على أمل أن يتم عزله، ولكن هذا لم يأت بنتيجة حتى الآن، فكلما صعّدوا بالهجوم، كلما حقق ترمب إنجازات جديدة، في حالة غير مسبوقة، سيتوقف المؤرخون عندها طويلا.
بعد أزمة اختفاء الصحفي السعودي في تركيا، شنت وسائل الإعلام الأمريكية حربا شعواء على المملكة، وتزعمت الحملة ذات الصحف، التي تهاجم ترمب، أي الواشنطن بوست، والنيويورك تايمز، وقنوات سي ان ان، وام اس ان بي سي، وذلك لأن المملكة تعتبر أحد أهم حلفاء أمريكا حاليا، وترمب هو الذي أعاد التحالف التاريخي معها إلى مساره الصحيح، بعد تردي العلاقات السعودية-الأمريكية في زمن أوباما، وهذا ما يعني أن الهجوم على المملكة مسيّس، ويراد منه إلحاق الضرر بترمب، قبل الانتخابات النصفية القادمة، على أمل أن يفوز الديمقراطيون بأغلبية الكونجرس، وتزداد فرص عزله!، وهذا هو حلم اليسار الغربي، وحلم حلفائه حاليا، وأهمهم النظام الحاكم في قطر، وتنظيمات الإسلام السياسي، والخلاصة هي أن هذه الحرب الشرسة على المملكة مسيّسة حتى النخاع، يمولها النظام الحاكم في قطر، وتنفذها خلاياه شرقا وغربا، بزعامة مرتزقة الإسلام السياسي واليسار الغربي، ولكنها سترتد عليهم في نهاية المطاف!.